الجمعة، 10 يونيو 2011

سجن رشيد نيني يثير جدلاً حقوقياً وسياسياً

سجن رشيد نيني يثير جدلاً حقوقياً وسياسياً - Hespress 

أصدرت محكمة مغربية بالدار البيضاء حكماً بسجن مدير جريدة "المساء"، الأوسع انتشاراً بالمملكة، سنة نافذة، وذلك في أعقاب مسلسل قضائي مثير، حظي بترقب ومتابعة حثيثين محلياً ودولياً.
وأدانت المحكمة مدير الصحيفة، رشيد نيني، بتهمة "تحقير مقرر قضائي ومحاولة التأثير على القضاء، والتبليغ بوقائع إجرامية غير صحيحة"، حسبما أوردت وكالة الأنباء المغربية الرسمية.
يأتي الحكم على خلفية عدة مقالات هاجم فيها الصحفي المثير للجدل شخصيات نافذة في الجهاز الأمني والاستخباراتي، ودوائر قضائية، ومضى فيها إلى التشكيك في التحقيقات التي باشرتها السلطات حول الهجوم الإرهابي الذي هز الدار البيضاء في 16 ماي 2003.
وكان فريق الدفاع قد انسحب من الجلسة السابقة للمحاكمة، بعد رفض طلبه محاكمة رشيد نيني، بوصفها قضية نشر، على أساس قانون الصحافة، وليس القانون الجنائي.
ويكرس هذا القرار القضائي أجواء التوتر المزمن في العلاقة بين السلطات المغربية والمدافعين عن حرية الصحافة، والتي شكلت موضوع تقارير محلية ودولية عديدة، في ظل تعطل مسلسل صدور قانون جديد للصحافة، بسبب استمرار الخلاف حول بنود جوهرية، من بينها إشكالية الإبقاء على العقوبات السالبة للحرية في هذا القانون.
وفور تحريك الملاحقة ضد الصحفي نيني، تشكلت لجنة قومية للتضامن معه والدفاع عن حرية الصحافة، من نشطاء حقوقيين وسياسيين وإعلاميين، واعتبرت في أول بيان لها أن شروط المحاكمة العادلة لا تتوفر في هذه القضية، التي تكشف في نظرها "تردد الإرادة السياسية في التوجه نحو المستقبل"، وتعطي إشارة "على وجود نيات وقوى داخل الدولة، يشدها الحنين لماضي سنوات الرصاص، وعمل على عرقلة مسار التغيير."
وتعليقاً على قرار المحكمة، قال أحمد ويحمان، منسق أمانة لجنة التضامن، إن الأمر "يتعلق بحكم باطل مادام بني على اعتماد القانون الجنائي، واستبعاد قانون الصحافة الموكول إليه البت في قضايا النشر.. أما سياسياً، فإنه يعيد البلاد إلى الوراء، من خلال الدوس على حرية التعبير، وخنق الحريات العامة."
وحول دلالة صدور الحكم في ظل الحراك الإصلاحي والاحتجاجي الذي تعرفه المملكة، اعتبر ويحمان، في تصريح لموقع CNN بالعربية، أن "السلطات توجه للمناضلين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان رسالة تحد مفادها: لا مجال لركوب أوهام بخصوص الإصلاحات"، متحدثاً عن مفارقة صارخة بين الخطاب والممارسة في هذا السياق.
وفيما عمد فريق دفاع مدير الصحيفة إلى استئناف الحكم، تعهد ويحمان، بتكثيف التحرك ضد هذا القرار من خلال فعاليات وطنية ودولية، مثمناً مواقف التضامن الواسعة التي عبرت عنها الهيئات الحقوقية المحلية، الإقليمية والدولية.
وإن كانت جل الهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة قد عبرت عن تضامنها المبدئي مع مدير "المساء"، فإن كثيرين من نشطائها لا يخفون في المقابل تحفظهم على مضمون الأعمدة التي دأب على توقيعها يومياً، خصوصاً في الآونة الأخيرة، وأسلوب "التهجم" الذي لم تسلم منه رموز مختلفة، سواء من داخل الدائرة الرسمية أو من أوساط المعارضين، الإسلاميين واليساريين معاً.
ويقول رئيس نقابة الصحفيين المغاربة، التي استنكرت بدورها الحكم الصادر على مدير الصحيفة، "إن المشكلة تمثلت أساسا في الجانب الإجرائي المتمثل في تطبيق الاعتقال الاحتياطي، ثم الملاحقة على أساس القانون الجنائي، ولو كانت المحاكمة بقانون الصحافة "سيكون هناك كلام آخر" لأن الأمر لا يتعلق بمنح الصحفيين حصانة مطلقة وجعلهم فوق القانون."
وأوضح مجاهد أن القانون الجنائي المغربي يتضمن 18 حالة يمكن أن يكون الصحفي محل ملاحقة على أساسها، الأمر الذي يطرح استفهاما حول جدوى قانون الصحافة الذي مازال مسار تعديله معطلا، أساسا بسبب الخلاف حول التنصيص على العقوبات السجينة في قضايا النشر.
ومن جهة أخرى، نفى مجاهد وجود توتر بين السلطة والجسم الصحفي، وقال، إن الأمر في نظره "يتعلق بعلاقة متأرجحة، من شهور عسل إلى فترات أزمة، بين السلطات وبعض مدراء الصحف." وذهب في السياق ذاته إلى تحميل أرباب الصحف مسؤولية تعطيل المجهودات التي قامت بها النقابة من أجل إنشاء جهاز لمعالجة قضايا أخلاقيات مهنة الصحافة.
وكان بيان نقابة الصحافيين المغاربة قد طالب بإطلاق سراح مدير صحيفة " المساء "، لطي صفحة هذه القضية "التي جاءت في ظروف ينتظر فيها الجسم الصحافي وكافة القوى الحية في المجتمع، التقدم في إصلاح قانون الصحافة وحذف العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق