الخميس، 31 مارس 2011

الواكل العام للملك

ليس مفاجئا أن تكون أغلب الشعارات، التي يرفعها المتظاهرون في شوارع المدن المغربية، تطالب بمحاربة الفساد. فقد أصبح هناك وعي جماعي في المغرب بأن عدو الشعب الأول هو الفساد.
لكن من سيحارب هذا الفساد إذا كان القضاء في المغرب هو العش الذي يتربى فيه الفساد ويبيض.
إن حال من يريدون إصلاح أحوال المغرب دون البدء بإصلاح أحوال القضاء كمن يريدون بناء سقف بيت دون وضع الأساسات. إذا كان من الممكن بناء سقف بيت بدون دعامات، ففي هذه الحالة يمكن إصلاح أحوال المغرب بدون إصلاح قضائه، وهذا طبعا من رابع المستحيلات.
ومادام وكلاء الملك العامون الذين وصلوا سن التقاعد ملتصقين بكراسيهم، فإن مشروع إصلاح القضاء سيظل مؤجلا، لأن الفساد القضائي المتفشي في محاكم المملكة سببه استبداد هؤلاء الوكلاء العامين للملك وبقاؤهم في مناصبهم، إلى درجة أنهم أطلقوا جذورهم في كل مؤسسات المدن التي «خيموا» بها عشرات السنين.
والله ثم والله لن تقوم لهذه البلاد قائمة مادام وكلاء الملك العامون الذين وصلوا سن التقاعد لاصقين  بكراسيهم. والله ثم والله لن يصلح أمر القضاء في هذه البلاد مادام الثلاثي «بشر» المفتش العام لوزارة العدل، و«لديدي» الكاتب العام لوزارة العدل، و«عبد النبوي» مدير الشؤون الجنائية والعفو، خالدين في مناصبهم.
إنه لمن العار أن يظل قاض كالمستاري وكيلا عاما للملك على مراكش منذ ثلاثين سنة، بينما زوجته القاضية رئيسة للمحكمة التجارية. «شي يكوي وشي يبخ». ومن العار أن يشارف الوكيل العام للملك بأكادير، السيد «الحبيب دحمان»، على الثمانين سنة ويقضي بأكادير 23 سنة كاملة دون أي تغيير.

الأربعاء، 30 مارس 2011

الاستثناء المغربي

بعد نجاحهم بشكل باهر في تمييع الحياة الحزبية وتحويلها إلى رصيف لممارسة الدعارة السياسية، ها نحن نرى كيف يحاول بعض السياسيين تمييع تظاهرات شباب 20 فبراير بعدما ميعوا الحكومة والبرلمان.
ومنذ أن عبر الاتحاد الاشتراكي عن موقفه الداعم لحركة 20 فبراير وتظاهراتها خلال مجلسه الوطني الأخير، الذي عاد إليه الثلاثي الغاضب بعد انتهاء فترة الحداد على الديمقراطية الداخلية، لم يعد هذا الحزب يعرف أي موقف يثبت عليه.
ولعل قمة التناقض في المواقف السياسية للاتحاد الاشتراكي ظهرت خلال مسيرات 20 مارس الأخيرة عندما خرج برلمانيون وقياديون في الحزب للمشاركة إلى جانب المتظاهرين الذين يطالبون بحل الحكومة والبرلمان.
كان هذا الموقف من جانب الاتحاديين الذين خرجوا في المسيرة سيصير مشرفا وباعثا على الاطمئنان على حال الحياة الحزبية المغربية لولا أن الحكومة، التي يطالب المتظاهرون بإسقاطها بسبب فسادها، يتوفر فيها حزب الاتحاد الاشتراكي على وزراء. كما أن البرلمان الذي يطالبون بحله بسبب لا ديمقراطيته يوجد لدى الحزب داخله فريق نيابي.
كيف إذن يستقيم أن يخرج برلمانيون وقياديون في الاتحاد الاشتراكي للمطالبة بإسقاط حكومة وبرلمان يشاركون فيهما ويتقاضون أجورا شهرية نظير هذه المشاركة.
والمصيبة أن الاشتراكيين لم يكونوا وحدهم من حاول الركوب على موجة تظاهرات 20 فبراير و20 مارس، بل نزلت معهم إطارات من حزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة هو الآخر. أما العدالة والتنمية فقد نزل ثلاثة من برلمانييه ليشاركوا في مسيرة المطالبة بحل البرلمان وإسقاط الحكومة.

الثلاثاء، 29 مارس 2011

صفحة يجب أن تطوى

التمرد الذي تعيشه هذه الأيام سجون حفيظ بنهاشم، أحد بقايا جلادي سنوات الرصاص، بسبب انتفاضة سجناء ما يسمى بالسلفية الجهادية، يطرح علينا جميعا سؤالا أخلاقا وإنسانيا قبل أن يكون قانونيا.
إذا كان الملك شخصيا قد قال في حواره الصحافي مع جريدة «الباييس» الإسبانية إن محاكمات المتهمين في ملفات الإرهاب شابتها تجاوزات، فلماذا بعد مرور ثمان سنوات على اعتقال كل هؤلاء السجناء لم يراجع القضاء ملفات هؤلاء الآلاف من السجناء الذين ملأ بهم الجنرال العنيكري وزبانيته سجون المملكة.
نحن هنا لا نتحدث عن المعتقلين الذين تورطوا في جرائم دم، بل عن مئات المعتقلين الآخرين الذين جرفتهم الحملة في طريقها، ووجدوا أنفسهم متابعين بقانون الإرهاب الذي لا أحد اليوم يعرف سبب بقائه.
فهناك معتقلون يقضون عقوبات بالإعدام يطالبون اليوم إما بمراجعة ملفاتهم أو تنفيذ حكم الإعدام فيهم. وهناك آخرون محكومون بالمؤبد أو بمدد تتراوح ما بين عشرين وثلاثين سنة يرتمي بعضهم من سطوح السجن، وآخرون يضرمون النار في أنفسهم. فماذا تنتظر وزارة العدل لكي تفتح هذا الملف وتصحح تجاوزاته وتغلقه إلى الأبد؟.
إن أول شيء كان يجب أن يحدث بعد خطاب الملك يوم 9 مارس هو إسقاط هذا القانون، الذي يطلق يد الأجهزة الأمنية والقضائية بحرية كاملة لاعتقال المشتبه فيهم والاحتفاظ بهم رهن الاعتقال خارج الضوابط القانونية.

الاثنين، 28 مارس 2011

حتى يزيد وسميه سعيد

كنا ننتظر أن يهب وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري لنجدة تسعين ألف مغربي عالقين في ليبيا بين قصف قوات التحالف وبنادق العقيد معمر القذافي وأتباعه. لكن المفاجأة هي أن سعادة الوزير أشاح بوجهه عن ليبيا وجمع حقائبه وذهب إلى واشنطن لكي يلتقي هيلاري كلينتون وصقريها «ويليام بورنز» و«جفري فيلتمان»، ويعطي حوارات للقنوات التلفزيونية الأمريكية يشرح فيها المشروع المغربي الإصلاحي للدستور.
وبينما تكفل الطيب الفاسي الفهري ببيع جلد الدب للأمريكيين حتى قبل اصطياده، رأينا كيف ذهب أربعة وزراء مغاربة آخرين إلى باريس لكي يبيعوا السمك في البحر لنيكولا ساركوزي.
إنها لمهزلة حقيقية أن يسارع كل هؤلاء الوزراء إلى «بيع» مشروع الدستور المقبل للأوربيين والأمريكيين حتى قبل أن يتوصل رئيس اللجنة باقتراحات الأحزاب السياسية حول الإصلاحات الدستورية المنتظرة، وحتى قبل أن تشرع اللجنة في التشاور مع ممثلي الشعب وقواه الحية، أي المعنيين الأصليين بهذا الدستور الجديد. «حتى يزيد وسميه سعيد».
هذا التسرع من جانب المغرب الرسمي لتسويق بضاعة لم تظهر في السوق بعد، يعكس في الواقع استفحال عقدة الأجنبي لدى من يحكمونا، وعدم استيعابهم بعد للمتغيرات التي تحدث حولهم في العالم العربي.
وإذا كان هناك من درس يجب استخلاصه مما حدث في تونس ومصر، ومما يحدث في ليبيا والأردن وسوريا واليمن، فهو أن أول وآخر من يجب الاحتكام إلى رأيه والتشاور معه حول الدستور الذي يجب أن يكون لديه هو الشعب وقواه الحية، وليس باريس أو واشنطن أو أي عاصمة أوربية أو غربية أخرى.

السبت، 26 مارس 2011

لمن‮ ‬تعاود‮ ‬زابورك‮ ‬أداود‮

عندما‮ ‬يحكم‮ ‬ضدنا‮ ‬القاضي‮ ‬العلوي،‮ ‬قبل‮ ‬أسبوعين‮ ‬في‮ ‬الرباط،‮ ‬بستة‮ ‬عشر‮ ‬مليون‮ ‬سنتيم‮ ‬لصالح‮ ‬نور‮ ‬الدين‮ ‬الصايل،‮ ‬لمجرد‮ ‬أننا‮ ‬أعدنا‮ ‬نشر‮ ‬تقارير‮ ‬المجلس‮ ‬الأعلى‮ ‬للحسابات‮ ‬التي‮ ‬أنجزها‮ ‬زملاؤه‮ ‬القضاة‮ ‬حول‮ ‬المركز‮ ‬السينمائي،‮ ‬فإن‮ ‬حكم‮ ‬الإدانة،‮ ‬في‮ ‬الحقيقة،‮ ‬ليس‮ ‬موجها‮ ‬إلينا،‮ ‬بل‮ ‬إلى‮ ‬قضاة‮ ‬المجلس‮ ‬الأعلى‮ ‬للحسابات‮ ‬المحلفين‮ ‬الذين‮ ‬أنجزوا‮ ‬تقاريرهم‮ ‬حول‮ ‬هذه‮ ‬المؤسسة‮.‬
وعندما‮ ‬يحكم‮ ‬ضدنا‮ ‬قاض‮ ‬آخر‮ ‬في‮ ‬الدار‮ ‬البيضاء،‮ ‬الأسبوع‮ ‬الماضي،‮ ‬بثمانية‮ ‬ملايين‮ ‬سنتيم‮ ‬لمجرد‮ ‬أننا‮ ‬كتبنا‮ ‬أن‮ ‬المخرج‮ ‬نور‮ ‬الدين‮ ‬الخماري‮ ‬صرف‮ ‬ملايين‮ ‬الدعم‮ ‬التي‮ ‬منحها‮ ‬إياه‮ ‬والي‮ ‬آسفي‮ ‬السابق‮ ‬من‮ ‬جيوب‮ ‬دافعي‮ ‬الضرائب‮ ‬على‮ ‬سهرات‮ ‬مهرجانه‮ ‬السنوي‮ ‬ومشروباته‮ ‬الروحية،‮ ‬فإن‮ ‬حكم‮ ‬الإدانة‮ ‬ليس‮ ‬موجها‮ ‬ضدنا‮ ‬وإنما‮ ‬ضد‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬يطالب‮ ‬بمحاسبة‮ ‬المستفيدين‮ ‬من‮ ‬المال‮ ‬العام‮ ‬وأوجه‮ ‬صرفهم‮ ‬لهذا‮ ‬المال‮. ‬
فكأنما‮ ‬هناك‮ ‬جهة‮ ‬في‮ ‬القضاء‮ ‬تريد‮ ‬أن‮ ‬تسفه‮ ‬تقارير‮ ‬قضاة‮ ‬المجلس‮ ‬الأعلى‮ ‬للحسابات‮ ‬وتبعث‮ ‬رسالة‮ ‬مطمئنة‮ ‬إلى‮ ‬مدراء‮ ‬المؤسسات‮ ‬العمومية‮ ‬والمنتخبة‮ ‬تشجعهم‮ ‬على‮ ‬أن‮ ‬يزيدوا‮ ‬في‮ ‬نهبهم،‮ ‬فالقضاء‮ ‬لا‮ ‬يغمض‮ ‬فقط‮ ‬عينه‮ ‬عنهم‮ ‬بل‮ ‬إنه‮ ‬مجند‮ ‬لسحق‮ ‬كل‮ ‬قلم‮ ‬يطالب‮ ‬بتفعيل‮ ‬قرارات‮ ‬المجلس‮ ‬الأعلى‮ ‬للحسابات‮ ‬واسترجاع‮ ‬أموال‮ ‬دافعي‮ ‬الضرائب‮ ‬المنهوبة‮.‬
وإننا،‮ ‬والله،‮ ‬لنقف‮ ‬مندهشين‮ ‬ونحن‮ ‬نرى‮ ‬سرعة‮ ‬القضاء‮ ‬في‮ ‬إدانتنا‮ ‬بالغرامات‮ ‬المتتالية،‮ ‬فقط‮ ‬لأننا‮ ‬نعلق‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬نشره‮ ‬قضاة‮ ‬المجلس‮ ‬الأعلى‮ ‬للحسابات‮ ‬من‮ ‬تجاوزات‮ ‬واختلاسات‮. ‬وبالقدر‮ ‬ذاته،‮ ‬نندهش‮ ‬من‮ ‬تكاسل‮ ‬هذا‮ ‬القضاء‮ ‬وتخاذله‮ ‬وجبنه‮ ‬عن‮ ‬تقديم‮ ‬ملفات‮ ‬كل‮ ‬هؤلاء‮ ‬المسؤولين‮ ‬الذين‮ ‬أحصى‮ ‬قضاة‮ ‬المجلس‮ ‬تجاوزاتهم‮ ‬الخطيرة‮ ‬أمام‮ ‬القضاء‮ ‬لكي‮ ‬يقول‮ ‬كلمته‮ ‬فيهم‮.‬

الخميس، 24 مارس 2011

الما والشطابة

بعد الحوار الأخير الذي أعطاه الاستقلالي حمدي ولد الرشيد، رئيس المجلس البلدي للعيون، لجريدة «العلم»، لسان حزب الاستقلال، يتضح أكثر وجاهة التحليل الذي أعطيناه لما وقع في العيون من تخريب وقتل. فقد ألقى  الجميع باللائمة على الاستغلال الإعلامي الفج للأحداث من طرف الحزبين الإسبانيين المتنافسين على صناديق الانتخابات، ولم ينتبه أحد إلى أن الاستغلال الحزبي الحقيقي والأكثر فجاجة هو الذي يدور فوق رمال الصحراء  بين حزبين مغربيين يشهران السكاكين في وجه بعضهما البعض، هما حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة.
وبسبب هذه الحرب المعلنة بين الحزبين، ذهب رئيس المجلس البلدي للعيون، في حواره مع جريدة حزبه، إلى حد اتهام الأصالة والمعاصرة بالتورط في أحداث العيون عندما قال إن الوالي أجلموس، الذي سبق له أن كان عاملا في قلعة السراغنة، جاء إلى العيون «لمناصبة حزب الاستقلال العداء» و«لخدمة أجندة حددتها له أطراف معروفة بمواقفها الشعبوية التي أضرت بمصالح المغرب في السابق وتواصل الإضرار بهذه المصالح في الوقت الراهن».
ويبدو أن حمدي ولد الرشيد نسي، في غمرة اتهامه للوالي أجلموس، أنه، ضمنيا، يتهم الوزير الأول الذي يحمله الدستور المغربي مسؤولية الإدارة والذي ليس سوى الأمين العام لحزب الاستقلال الذي ينتمي إليه ولد الرشيد.
إنه لمن المدهش أن ينسجم ويتناغم اتهام حمدي ولد الرشيد لفؤاد عالي الهمة بتحديد أجندة معادية لحزب الاستقلال في العيون لكي يطبقها الوالي أجلموس، مع اتهام ساقه عبد العزيز المراكشي، زعيم البوليساريو، في رسالته إلى الملك محمد السادس عبر جريدة «الشروق» الجزائرية، والتي حذر فيها الملك من خطر «بطانة السوء»، داعيا إلى «معاقبة ومحاسبة الحاشية التي لا تريد خيرا للمنطقة وتتآمر ضد أمنها واستقرارها».

الأربعاء، 23 مارس 2011

مرحبا‮ ‬بكم‮ ‬في‮ ‬النادي

لا‮ ‬يسع‮ ‬المرء‮ ‬سوى‮ ‬أن‮ ‬يشعر‮ ‬بالسعادة‮ ‬وهو‮ ‬يرى‮ ‬أن‮ ‬الغالبية‮ ‬الساحقة‮ ‬من‮ ‬الشعارات‮ ‬والمطالب،‮ ‬التي‮ ‬رفعها‮ ‬المتظاهرون‮ ‬في‮ ‬شتى‮ ‬ربوع‮ ‬المملكة‮ ‬يوم‮ ‬20‮ ‬مارس‮ ‬الأخير،‮ ‬كنا‮ ‬سباقين‮ ‬إلى‮ ‬المناداة‮ ‬بها‮ ‬والمطالبة‮ ‬بتحقيقها‮.‬
وعوض‮ ‬أن‮ ‬نظل‮ ‬لوحدنا‮ ‬نصرخ‮ ‬كل‮ ‬يوم‮ ‬في‮ ‬أعمدتنا،‮ ‬أصبحنا‮ ‬مدعومين‮ ‬بعشرات‮ ‬الآلاف‮ ‬من‮ ‬كتاب‮ ‬الأعمدة‮ ‬الذين‮ ‬يحررون‮ ‬شعاراتهم‮ ‬ومطالبهم‮ ‬وآراءهم‮ ‬وتحاليلهم‮ ‬المركزة‮ ‬والذكية‮ ‬للوضع‮ ‬فوق‮ ‬لافتاتهم‮ ‬ويافطاتهم‮ ‬وقمصانهم،‮ ‬ثم‮ ‬ينزلون‮ ‬بها‮ ‬إلى‮ ‬الشوارع‮ ‬والساحات‮ ‬لكي‮ ‬يبلغوها‮ ‬إلى‮ ‬من‮ ‬يهمهم‮ ‬الأمر‮.‬
مرحبا‮ ‬بكم‮ ‬جميعا‮ ‬في‮ ‬النادي،‮ ‬فقد‮ ‬أدمنا‮ ‬الصراخ‮ ‬لسنوات‮ ‬طويلة‮ ‬كل‮ ‬يوم‮ ‬منددين‮ ‬بلصوص‮ ‬المال‮ ‬العام‮ ‬ومفسدي‮ ‬الحياة‮ ‬الاقتصادية‮ ‬والسياسية‮ ‬والأخلاقية،‮ ‬لكن‮ ‬لا‮ ‬أحد‮ ‬أراد‮ ‬الاستماع‮ ‬إلى‮ ‬صراخنا،‮ ‬وها‮ ‬أنتم‮ ‬تضمون‮ ‬مسيراتكم‮ ‬الصاخبة‮ ‬إلى‮ ‬صراخنا‮ ‬اليومي،‮ ‬لعل‮ ‬هؤلاء‮ ‬المصابين‮ ‬بالصمم‮ ‬في‮ ‬أبراجهم‮ ‬العاجية‮ ‬يفتحون‮ ‬آذانهم‮ ‬قليلا‮ ‬لسماع‮ ‬صوت‮ ‬الشعب‮ ‬القادم‮ ‬من‮ ‬الأزقة‮ ‬والساحات‮.‬
ولا‮ ‬بد‮ ‬أن‮ ‬أولئك‮ ‬الذين‮ ‬ظلوا‮ ‬ينعتوننا‮ ‬بزرّاع‮ ‬اليأس‮ ‬والسوداويين،‮ ‬ويسمون‮ ‬انتقاداتنا‮ ‬للمسؤولين‮ ‬الذين‮ ‬يسيرون‮ ‬الشأن‮ ‬العام‮ ‬سبا‮ ‬وقذفا‮ ‬وتشهيرا‮ ‬واعتداء‮ ‬على‮ ‬حياتهم‮ ‬الخاصة،‮ ‬سيجدون‮ ‬أنفسهم‮ ‬مجبرين‮ ‬على‮ ‬مراجعة‮ ‬حساباتهم‮ ‬وهم‮ ‬يكتشفون‮ ‬أن‮ ‬كل‮ ‬الذين‮ ‬شملهم‮ ‬نقدنا‮ ‬رفعت‮ ‬أسماؤهم‮ ‬وصورهم‮ ‬في‮ ‬المسيرات‮ ‬والوقفات‮ ‬الاحتجاجية‮ ‬للمطالبة‮ ‬بمحاسبتهم‮.‬
في‮ ‬تطوان،‮ ‬رفع‮ ‬المتظاهرون‮ ‬لافتات‮ ‬عليها‮ ‬صور‮ ‬مديرة‮ ‬دار‮ ‬الثقافة‮ ‬سميرة‮ ‬قدري‮ ‬ومندوب‮ ‬وزارة‮ ‬الثقافة‮ ‬وابن‮ ‬المستشار‮ ‬الملكي‮ ‬الراحل‮ ‬مزيان‮ ‬بلفيقه،‮ ‬مطالبين‮ ‬بمحاسبتهم‮. ‬وقد‮ ‬كنا‮ ‬أول‮ ‬من‮ ‬كسر‮ ‬الصمت‮ ‬حول‮ ‬تجاوزات‮ ‬مديرة‮ ‬دار‮ ‬الثقافة‮ ‬وزوجها‮ ‬المهندس‮ ‬ومندوب‮ ‬وزارة‮ ‬الثقافة،‮ ‬واحتكارهم‮ ‬لصفقات‮ ‬الوزارة‮ ‬في‮ ‬جهة‮ ‬تطوان‮ ‬طنجة،‮ ‬واستفادة‮ ‬الفنانة‮ ‬سميرة‮ ‬قدري‮ ‬من‮ ‬ميزانيات‮ ‬الوزارة‮ ‬لصالح‮ ‬جمعيات‮ ‬تتولى‮ ‬تسييرها‮ ‬هي‮ ‬وسعادة‮ ‬المندوب،‮ ‬وتوفرها‮ ‬على‮ ‬حسابات‮ ‬بنكية‮ ‬في‮ ‬الخارج‮ ‬تودع‮ ‬بها‮ ‬العملة‮ ‬الصعبة‮ ‬دون‮ ‬علم‮ ‬مكتب‮ ‬الصرف‮ ‬أو‮ ‬مكتب‮ ‬الضرائب‮.‬

الاثنين، 21 مارس 2011

هيسبوليس

ليس‮ ‬من‮ ‬عادتي‮ ‬أن‮ ‬أخصص‮ ‬هذا‮ ‬الركن‮ ‬للدفاع‮ ‬عن‮ ‬نفسي،‮ ‬فقد‮ ‬تعودت‮ ‬أن‮ ‬أجعله‮ ‬منبرا‮ ‬للدفاع‮ ‬عن‮ ‬الشعب‮ ‬ومستضعفيه‮ ‬ومظالمه‮. ‬واليوم،‮ ‬أطمع‮ ‬في‮ ‬سعة‮ ‬صدركم‮ ‬لكي‮ ‬تسمحوا‮ ‬لي‮ ‬بتخصيص‮ «‬عمود‮» ‬اليوم‮ ‬لصد‮ ‬واحدة‮ ‬من‮ ‬أعنف‮ ‬وأبشع‮ ‬الحملات‮ ‬التحريضية‮ ‬والتشهيرية‮ ‬التي‮ ‬أتعرض‮ ‬لها‮ ‬منذ‮ ‬مدة‮ ‬في‮ ‬بعض‮ ‬المواقع‮ ‬الإلكترونية‮ ‬البوليسية‮ ‬والمسخرة‮ ‬من‮ ‬طرف‮ ‬أعداء‮ ‬التغيير‮ ‬وحماة‮ ‬الباطل‮ ‬وجنود‮ ‬الفساد‮.‬
أول‮ ‬من‮ ‬اكتشفوا‮ ‬أهمية‮ ‬الفيسبوك‮ ‬والتواصل‮ ‬الافتراضي‮ ‬مع‮ ‬الرأي‮ ‬العام‮ ‬في‮ ‬المغرب‮ ‬ليسوا‮ ‬شباب‮ ‬حركة‮ ‬20‮ ‬فبراير،‮ ‬وإنما‮ ‬حميد‮ ‬شباط،‮ ‬عمدة‮ ‬فاس‮. ‬ورغم‮ ‬أن‮ ‬خصومه‮ ‬ينعتونه‮ ‬بالسيكليس‮ ‬والأمي،‮ ‬فإن‮ ‬الرجل‮ ‬يحسب‮ ‬له‮ ‬أنه‮ ‬كان‮ ‬أول‮ ‬سياسي‮ ‬يستعين‮ ‬بخدمات‮ ‬شباب‮ ‬متخصص‮ ‬في‮ ‬تقنيات‮ ‬التواصل‮ ‬عبر‮ ‬المواقع‮ ‬الاجتماعية‮ ‬ويؤسس‮ ‬لموقع‮ ‬اسمه‮ «‬شباط‮ ‬أونلاين‮» ‬يضع‮ ‬فيه‮ ‬تسجيلات‮ ‬لخطبه‮ ‬وجولاته‮ ‬الخيرية‮ ‬وتصريحاته‮ ‬النارية‮.‬
شباط،‮ ‬عكس‮ ‬كثير‮ ‬من‮ ‬الحزبيين‮ ‬والسياسيين،‮ ‬فهم‮ ‬أن‮ ‬المستقبل‮ ‬في‮ ‬التواصل‮ ‬بين‮ ‬الشباب‮ ‬سيكون‮ ‬عبر‮ ‬المواقع‮ ‬الإلكترونية،‮ ‬ولذلك‮ ‬جند‮ ‬لخدمته‮ ‬كتيبة‮ ‬من‮ ‬التقنيين‮ ‬المبحرين‮ ‬المتخصصين‮ ‬في‮ ‬برمجة‮ ‬المواقع‮ ‬وصناعتها،‮ ‬ووظف‮ ‬معرفتهم‮ ‬لخدمة‮ ‬صورته‮ ‬ومصالحه‮ ‬والدفاع‮ ‬عن‮ ‬امتيازاته‮ ‬و‮«‬منجزاته‮».‬
ولم‮ ‬تقتصر‮ ‬وظيفة‮ ‬هؤلاء‮ «‬الجنود‮» ‬المجندين‮ ‬لخدمة‮ ‬ولي‮ ‬نعمتهم‮ ‬على‮ ‬تعداد‮ ‬محاسن‮ ‬ومزايا‮ ‬العهد‮ ‬الشباطي‮ ‬الذي‮ ‬دخلته‮ ‬فاس،‮ ‬وإنما‮ ‬وضعوا‮ ‬كل‮ ‬خبرتهم‮ ‬التقنية‮ ‬للتصدي‮ ‬بالتشويه‮ ‬والتشهير‮ ‬ونشر‮ ‬الإشاعات‮ ‬المغرضة‮ ‬بخصوص‮ ‬الحياة‮ ‬الخاصة‮ ‬لكل‮ ‬من‮ ‬يتجرأ‮ ‬على‮ ‬الاقتراب‮ ‬من‮ ‬مملكة‮ ‬شباط‮ ‬المحروسة،‮ ‬وخصوصا‮ ‬شركة‮ «‬فتح‮ ‬الجديد‮» ‬التي‮ ‬تشكل‮ ‬حصان‮ ‬طروادة‮ ‬الذي‮ ‬يختفي‮ ‬وراءه‮ ‬شباط‮ ‬والملياردير‮ ‬كسوس‮ ‬ووزير‮ ‬الإسكان‮ ‬توفيق‮ ‬احجيرة‮ ‬وآخرون‮ ‬يستفيدون‮ ‬من‮ ‬الصفقات‮ ‬المجزية‮ ‬التي‮ ‬تحصل‮ ‬عليها‮ ‬هذه‮ ‬الشركة‮ ‬المحظوظة‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬أنحاء‮ ‬فاس‮.‬
وعندما‮ ‬كتبنا‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬العمود‮ ‬عن‮ ‬العلاقات‮ ‬السرية‮ ‬والوطيدة‮ ‬التي‮ ‬نسجها‮ ‬شباط‮ ‬مع‮ ‬المخابرات‮ ‬منذ‮ ‬بدايات‮ ‬ظهور‮ ‬نجمه‮ ‬النقابي‮ ‬في‮ ‬فاس،‮ ‬خصوصا‮ ‬عندما‮ ‬أشعل‮ ‬النار‮ ‬في‮ ‬المدينة‮ ‬لصالح‮ ‬إدريس‮ ‬البصري‮ ‬لكي‮ ‬ينتقم‮ ‬من‮ ‬عامل‮ ‬المدينة‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يتحدى‮ ‬البصري‮ ‬ويتعامل‮ ‬مع‮ ‬القصر‮ ‬مباشرة،‮ ‬وكيف‮ ‬أخفى‮ ‬مدير‮ ‬المخابرات‮ ‬شباط‮ ‬في‮ ‬بيته‮ ‬إلى‮ ‬أن‮ ‬هدأت‮ ‬العاصفة‮ ‬وتمت‮ ‬تبرئته‮ ‬بعد‮ ‬ذلك‮ ‬قضائيا‮ ‬من‮ ‬أية‮ ‬مسؤولية‮ ‬جنائية‮ ‬عما‮ ‬وقع‮ ‬بفاس‮ ‬من‮ ‬خراب‮ ‬ودمار‮ ‬وتقتيل،‮ ‬ثارت‮ ‬ثائرة‮ ‬شباط‮ ‬ولزم‮ ‬الصمت‮ ‬ولم‮ ‬يستطع‮ ‬أن‮ ‬يكذب‮ ‬كلمة‮ ‬واحدة‮ ‬مما‮ ‬نشرناه‮.‬
وحتى‮ ‬عندما‮ ‬كتبنا‮ ‬عن‮ ‬تواطئه‮ ‬الظاهر‮ ‬والخفي‮ ‬مع‮ ‬الوالي‮ ‬الغرابي‮ ‬في‮ ‬فضائح‮ ‬تتعلق‮ ‬بالرخص‮ ‬الاستثنائية‮ ‬لمشاريع‮ ‬بدأت‮ ‬سياحية‮ ‬ثم‮ ‬تحولت‮ ‬إلى‮ ‬مشاريع‮ ‬سكنية‮ ‬وتجارية،‮ ‬اختار‮ ‬الاثنان‮ ‬معا‮ ‬دس‮ ‬رأسيهما‮ ‬في‮ ‬الرمال‮ ‬بانتظار‮ ‬أن‮ ‬تهدأ‮ ‬العاصفة‮.‬
ولو‮ ‬كانت‮ ‬لدينا‮ ‬عدالة‮ ‬في‮ ‬المغرب‮ ‬لفتحت‮ ‬النيابة‮ ‬العامة‮ ‬تحقيقا‮ ‬قضائيا‮ ‬حول‮ ‬كل‮ ‬جملة‮ ‬كتبناها‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬إجلاء‮ ‬الحقائق‮ ‬ومعاقبة‮ ‬أحدنا،‮ ‬فإما‮ ‬أننا‮ ‬نكذب‮ ‬على‮ ‬هذين‮ ‬الرجلين‮ ‬ونستحق‮ ‬أن‮ ‬ندفع‮ ‬ثمن‮ ‬ذلك،‮ ‬أو‮ ‬أن‮ ‬هذين‮ ‬الرجلين‮ ‬فعلا‮ ‬متواطئان‮ ‬على‮ ‬الفساد‮ ‬وبالتالي‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يدفعا‮ ‬الثمن‮.‬

الجمعة، 18 مارس 2011

المخطط الجهنمي


في‮ ‬الوقت‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬فيه‮ ‬الملك‮ ‬يوجه‮ ‬خطابه‮ ‬إلى‮ ‬الشعب‮ ‬مساء‮ ‬التاسع‮ ‬من‮ ‬مارس‮ ‬الماضي،‮ ‬كان‮ ‬وزير‮ ‬الداخلية‮ ‬يعمم‮ ‬مذكرة‮ ‬سرية‮ ‬على‮ ‬جميع‮ ‬ولاة‮ ‬الأمن‮ ‬بالمملكة‮ ‬يحثهم‮ ‬فيها‮ ‬على‮ ‬تفكيك‮ ‬الوقفات‮ ‬الاحتجاجية‮ ‬بالقوة‮. ‬
واضح‮ ‬أن‮ ‬جيوب‮ ‬مقاومة‮ ‬التغيير‮ ‬لن‮ ‬تقف‮ ‬مكتوفة‮ ‬الأيدي‮ ‬وهي‮ ‬ترى‮ ‬مصالحها‮ ‬وامتيازاتها‮ ‬الشخصية‮ ‬مهددة‮ ‬بهذا‮ ‬الانحياز‮ ‬الملكي‮ ‬إلى‮ ‬جهة‮ ‬الشعب‮ ‬ومطالبه‮. ‬ولعل‮ ‬إحساس‮ ‬هذه‮ «‬الجيوب‮»‬،‮ ‬التي‮ ‬انتفخت‮ ‬بالأموال‮ ‬والامتيازات،‮ ‬بقرب‮ ‬فقدانها‮ ‬لقلاعها‮ ‬المحروسة‮ ‬التي‮ ‬أمنت‮ ‬مياهها‮ ‬الإقليمية‮ ‬باستعمالها‮ ‬المفرط‮ ‬لاسم‮ ‬الملك‮ ‬وصداقته‮ ‬والقرب‮ ‬منه،‮ ‬جعلها‮ ‬تلجأ‮ ‬إلى‮ ‬سياسة‮ «‬الأرض‮ ‬المحروقة‮» ‬لخلق‮ ‬البلبلة‮ ‬والتشويش‮ ‬على‮ ‬المسار‮ ‬الذي‮ ‬اختاره‮ ‬الملك،‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬إفشال‮ ‬مشروع‮ ‬التغيير‮ ‬وقتله‮ ‬في‮ ‬مهده‮. ‬
والنتيجة‮ ‬هي‮ ‬ما‮ ‬شاهدناه‮ ‬في‮ ‬نشرات‮ ‬أخبار‮ ‬القنوات‮ ‬الدولية‮ ‬طيلة‮ ‬الأيام‮ ‬الأخيرة،‮ ‬مباشرة‮ ‬بعد‮ ‬الخطاب‮ ‬الملكي‮ ‬الذي‮ ‬أثنى‮ ‬عليه‮ ‬الاتحاد‮ ‬الأوربي‮ ‬والخارجية‮ ‬الأمريكية‮. ‬صور‮ ‬مخجلة‮ ‬لعناصر‮ ‬من‮ ‬فرق‮ ‬التدخل‮ ‬السريع‮ ‬والأمن،‮ ‬مجهزة‮ ‬بالقمصان‮ ‬الواقية‮ ‬من‮ ‬الرصاص،‮ ‬تتدخل‮ ‬بهمجية‮ ‬لتفريق‮ ‬وقفة‮ ‬احتجاجية‮ ‬سلمية‮ ‬لبضع‮ ‬عشرات‮ ‬من‮ ‬المواطنين‮.‬
ولعل‮ ‬المخطط،‮ ‬الذي‮ ‬تحبكه‮ ‬جيوب‮ ‬مقاومة‮ ‬التغيير‮ ‬داخل‮ ‬الدولة،‮ ‬يقوم‮ ‬على‮ ‬خلق‮ ‬حالة‮ ‬من‮ ‬الارتباك‮ ‬عن‮ ‬طريق‮ ‬استعمال‮ ‬العنف‮ ‬بإفراط‮ ‬ضد‮ ‬الوقفات‮ ‬الاحتجاجية‮ ‬وضد‮ ‬الصحافيين‮. ‬أولا،‮ ‬لزرع‮ ‬بذور‮ ‬الشك‮ ‬وانعدام‮ ‬الثقة‮ ‬بين‮ ‬الشعب‮ ‬والخطاب‮ ‬الرسمي‮ ‬في‮ ‬أذهان‮ ‬الرأي‮ ‬العام‮. ‬وثانيا،‮ ‬لدفع‮ ‬وسائل‮ ‬الإعلام‮ ‬ضحية‮ ‬الاعتداءات‮ ‬إلى‮ ‬تبني‮ ‬مواقف‮ ‬راديكالية‮ ‬ضد‮ ‬الدولة‮. ‬

الخميس، 17 مارس 2011

الحساب‮ ‬صابون‮ ‬

لعل‮ ‬السؤال‮ ‬الكبير‮ ‬الذي‮ ‬يطرحه‮ ‬جل‮ ‬المغاربة‮ ‬اليوم،‮ ‬بعد‮ ‬التحدي‮ ‬الدستوري‮ ‬الذي‮ ‬طرحه‮ ‬الملك،‮ ‬هو‮: ‬هل‮ ‬برلماننا‮ ‬وأحزابنا‮ ‬السياسية‮ ‬مستعدة‮ ‬لكي‮ ‬تكون‮ ‬في‮ ‬مستوى‮ ‬هذا‮ ‬التحدي؟
بعد‮ ‬أقل‮ ‬من‮ ‬سنة،‮ ‬في‮ ‬حالة‮ ‬تصويت‮ ‬الشعب‮ ‬بالموافقة‮ ‬على‮ ‬الدستور‮ ‬الجديد،‮ ‬سيتحمل‮ ‬الشعب‮ ‬مسؤولية‮ ‬من‮ ‬سينتخبهم‮ ‬لتسيير‮ ‬أموره‮. ‬كيف،‮ ‬إذن،‮ ‬سيفرز‮ ‬الشعب‮ ‬النخبة‮ ‬التي‮ ‬ستسير‮ ‬شؤونه‮ ‬إذا‮ ‬كان‮ ‬سواده‮ ‬الأعظم‮ ‬غير‮ ‬منخرط‮ ‬في‮ ‬الأحزاب‮ ‬السياسية‮ ‬ولا‮ ‬يذهب‮ ‬إلى‮ ‬التصويت‮ ‬في‮ ‬الانتخابات؟
هذا‮ ‬سؤال‮ ‬إشكالي‮ ‬يتطلب‮ ‬جوابا‮ ‬صريحا‮ ‬وعاجلا‮. ‬
نحن‮ ‬نعيش‮ ‬أزمة‮ ‬مصداقية‮ ‬حادة‮ ‬لدى‮ ‬النخب‮ ‬السياسية‮ ‬جعلت‮ ‬العملية‮ ‬الانتخابية‮ ‬برمتها‮ ‬تتحول‮ ‬إلى‮ ‬مسخرة‮. ‬هذا‮ ‬يعني‮ ‬أن‮ ‬أولوية‮ ‬الأولويات‮ ‬اليوم‮ ‬في‮ ‬المغرب‮ ‬هي‮ ‬إعادة‮ ‬المصداقية‮ ‬إلى‮ ‬اللعبة‮ ‬السياسية‮ ‬التي‮ ‬أطلق‮ ‬الهمة‮ ‬وحزبه‮ ‬نحو‮ ‬صدغها‮ ‬رصاصة‮ ‬الرحمة،‮ ‬إلى‮ ‬درجة‮ ‬أنه‮ (‬الهمة‮) ‬لم‮ ‬يتورع‮ ‬خلال‮ ‬الأسبوع‮ ‬الماضي‮ ‬عن‮ ‬إجلاس‮ ‬وزير‮ ‬في‮ ‬الأغلبية‮ ‬الحكومية‮ ‬وسط‮ ‬أعضاء‮ ‬المكتب‮ ‬السياسي‮ ‬لحزبه‮ ‬الذي‮ ‬يوجد‮ ‬في‮ ‬المعارضة‮. «‬وسير‮ ‬فهم‮ ‬نتا‮ ‬شي‮ ‬زفتة‮».‬
ولذلك،‮ ‬فأول‮ ‬خطوة‮ ‬لإعادة‮ ‬المصداقية‮ ‬إلى‮ ‬المشهد‮ ‬السياسي‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬تبدأ‮ ‬بإعادة‮ ‬حزب‮ ‬الهمة‮ ‬إلى‮ ‬حجمه‮ ‬الطبيعي‮ ‬وتجريده‮ ‬من‮ ‬القداسة‮ ‬التي‮ ‬أحاطه‮ ‬بها‮ ‬مؤسسه‮ ‬والتي‮ ‬استعملها‮ ‬تابعوه‮ ‬لإرهاب‮ ‬خصومهم‮ ‬واستدراج‮ ‬ذوي‮ ‬السوابق‮ ‬منهم،‮ ‬تحت‮ ‬الإكراه‮ ‬المادي‮ ‬والمعنوي،‮ ‬إلى‮ ‬صفوف‮ ‬الحزب‮.‬
هذا‮ ‬لا‮ ‬يعني‮ ‬أن‮ ‬بقية‮ ‬الأحزاب‮ ‬الأخرى‮ ‬يقودها‮ ‬أشخاص‮ ‬نورانيون‮ ‬ملائكيون‮ ‬لا‮ ‬يأتيهم‮ ‬الباطل‮ ‬من‮ ‬بين‮ ‬أيديهم‮ ‬ولا‮ ‬من‮ ‬خلفهم،‮ ‬لكن‮ ‬مهما‮ ‬طغى‮ ‬هؤلاء‮ ‬الزعماء‮ ‬وتجبروا‮ ‬على‮ ‬قواعدهم‮ ‬الحزبية‮ ‬فإنهم‮ ‬لن‮ ‬يبلغوا‮ ‬المستوى‮ ‬الخطير‮ ‬الذي‮ ‬وصل‮ ‬إليه‮ ‬طغيان‮ ‬الهمة‮ ‬وحوارييه‮.‬
في‮ ‬جميع‮ ‬الدول‮ ‬الديمقراطية،‮ ‬يكون‮ ‬زعماء‮ ‬الأحزاب‮ ‬السياسية‮ ‬مثالا‮ ‬للنزاهة‮ ‬ونظافة‮ ‬اليد‮ ‬وسلامة‮ ‬الذمة،‮ ‬بحيث‮ ‬يقدمون‮ ‬إلى‮ ‬مناضليهم‮ ‬المثال‮ ‬الذي‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يتم‮ ‬الاقتداء‮ ‬به‮.‬

الأربعاء، 16 مارس 2011

الرأي‮ ‬والرأي‮ ‬الآخر‮

مررت،‮ ‬كعادتي،‮ ‬زوال‮ ‬الأحد‮ ‬الماضي‮ ‬وسط‮ ‬مدينة‮ ‬الدار‮ ‬البيضاء،‮ ‬فأثار‮ ‬استغرابي‮ ‬وجود‮ ‬عناصر‮ ‬من‮ ‬قوات‮ ‬التدخل‮ ‬السريع‮ ‬ترتدي‮ ‬قمصانا‮ ‬واقية‮ ‬من‮ ‬الرصاص‮. ‬راجعت‮ ‬برنامج‮ ‬الاحتجاجات‮ ‬التي‮ ‬أعلنت‮ ‬عنها‮ ‬الهيئات‮ ‬المكونة‮ ‬لحركة‮ ‬20‮ ‬فبراير،‮ ‬فلم‮ ‬أعثر‮ ‬سوى‮ ‬على‮ ‬برنامج‮ ‬لوقفة‮ ‬احتجاجية‮ ‬للتعبير‮ ‬السلمي‮ ‬عن‮ ‬مطالب‮ ‬الحركة‮. ‬
مرت‮ ‬ساعة،‮ ‬فبدأت‮ ‬أتوصل‮ ‬بصور‮ ‬التدخل‮ ‬العنيف‮ ‬الذي‮ ‬قامت‮ ‬به‮ ‬عناصر‮ ‬الأمن‮ ‬ضد‮ ‬المحتجين‮ ‬والصحافيين،‮ ‬وهو‮ ‬التدخل‮ ‬المجاني‮ ‬والعبثي‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬ليحدث‮ ‬بدون‮ ‬صدور‮ ‬أوامر‮ ‬من‮ ‬وزير‮ ‬الداخلية‮ ‬شخصيا‮.‬
وزير‮ ‬الداخلية‮ ‬هذا‮ ‬إما‮ ‬أنه‮ ‬لم‮ ‬يستمع‮ ‬إلى‮ ‬الخطاب‮ ‬الملكي‮ ‬وإما‮ ‬أنه‮ ‬استمع‮ ‬إليه‮ ‬وفهمه‮ ‬بالمقلوب‮. ‬فعندما‮ ‬تحدث‮ ‬الملك‮ ‬عن‮ ‬تضمين‮ ‬الدستور‮ ‬الجديد‮ ‬حماية‮ ‬الحقوق‮ ‬الفردية‮ ‬والجماعية،‮ ‬فإنه‮ ‬أعطى‮ ‬إشارة‮ ‬قوية‮ ‬إلى‮ ‬دستورية‮ ‬الحق‮ ‬في‮ ‬الاحتجاج‮ ‬والتعبير‮ ‬عن‮ ‬الرأي‮.‬
وما‮ ‬قام‮ ‬به‮ ‬المتظاهرون‮ ‬يوم‮ ‬الأحد‮ ‬يدخل‮ ‬ضمن‮ ‬الأساليب‮ ‬الديمقراطية‮ ‬المتعارف‮ ‬عليها‮ ‬عالميا‮ ‬في‮ ‬التعبير‮ ‬عن‮ ‬الرأي،‮ ‬طالما‮ ‬أن‮ ‬هذا‮ ‬التعبير‮ ‬كان‮ ‬سلميا‮ ‬وحضاريا‮ ‬ولا‮ ‬يشكل‮ ‬أي‮ ‬تهديد‮ ‬للأمن‮ ‬العام‮.‬
هناك‮ ‬إذن،‮ ‬وعلى‮ ‬مستوى‮ ‬وزارة‮ ‬الداخلية،‮ ‬صعوبة‮ ‬في‮ ‬فهم‮ ‬مضامين‮ ‬الخطاب‮ ‬الملكي،‮ ‬جعلت‮ ‬سعادة‮ ‬الوزير‮ ‬يعتبر‮ ‬احتجاج‮ ‬المواطنين‮ ‬بعد‮ ‬الخطاب‮ ‬الملكي‮ ‬شكلا‮ ‬من‮ ‬أشكال‮ ‬تقليل‮ ‬الأدب‮ ‬على‮ ‬الملك‮. ‬
إن‮ ‬هذا‮ ‬الفهم‮ ‬المخزني‮ ‬العتيق‮ ‬للعلاقة‮ ‬التي‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬تكون‮ ‬بين‮ ‬الملك‮ ‬والمواطنين‮ ‬لم‮ ‬يعد‮ ‬له‮ ‬مكان‮ ‬في‮ ‬مغرب‮ ‬ما‮ ‬بعد‮ ‬خطاب‮ ‬التاسع‮ ‬من‮ ‬مارس‮. ‬ويبدو‮ ‬أن‮ ‬هناك‮ ‬أشخاصا‮ ‬داخل‮ ‬الدولة‮ ‬لازالوا‮ ‬يعتقدون‮ ‬أن‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬عارض‮ ‬الملك‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يتم‮ ‬تكسير‮ ‬أسنانه‮ ‬وضلوعه‮. ‬
لا‮ ‬يا‮ ‬سادة،‮ ‬أولئك‮ ‬الذين‮ ‬لديهم‮ ‬رأي‮ ‬مخالف‮ ‬لما‮ ‬جاء‮ ‬في‮ ‬الخطاب‮ ‬الملكي،‮ ‬لديهم‮ ‬كامل‮ ‬الحق‮ ‬في‮ ‬التعبير‮ ‬عن‮ ‬هذا‮ ‬الرأي،‮ ‬بدون‮ ‬أن‮ ‬ينتهوا‮ ‬إلى‮ ‬مخافر‮ ‬الأمن‮ ‬أو‮ ‬غرف‮ ‬المستعجلات‮ ‬مثلما‮ ‬حدث‮ ‬يوم‮ ‬الأحد‮.‬

الثلاثاء، 15 مارس 2011

الكلمة للشعب

جميع‮ ‬الشعارات‮ ‬التي‮ ‬رفعتها‮ ‬الهيئات‮ ‬السياسية‮ ‬والحقوقية‮ ‬المشكلة‮ ‬لحركة‮ ‬20‮ ‬فبراير‮ ‬كانت‮ ‬مبنية‮ ‬على‮ ‬فكرة‮ ‬واحدة،‮ ‬وهي‮ ‬أن‮ «‬الشعب‮ ‬يريد‮». ‬طبعا،‮ ‬الشعب‮ ‬لم‮ ‬يأخذ‮ ‬أحد‮ ‬تفويضا‮ ‬منه‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬تمثيله‮ ‬والحديث‮ ‬باسمه‮. ‬لكن‮ ‬مع‮ ‬ذلك،‮ ‬الجميع‮ ‬يريد‮ ‬أن‮ ‬يتحدث‮ ‬باسمه‮ ‬ويضغط‮ ‬باسمه‮ ‬ويطالب‮ ‬باسمه،‮ ‬إلى‮ ‬أن‮ ‬جاء‮ ‬الخطاب‮ ‬الملكي‮ ‬وأعلن‮ ‬عن‮ ‬تغيير‮ ‬الدستور،‮ ‬وليس‮ ‬فقط‮ ‬تعديله‮ ‬كما‮ ‬كانت‮ ‬تطالب‮ ‬بذلك‮ ‬الهيئات‮ ‬السياسية‮ ‬والحقوقية‮ ‬المشكلة‮ ‬لحركة‮ ‬20‮ ‬فبراير،‮ ‬ووضع‮ ‬الشعب‮ ‬في‮ ‬قلب‮ ‬المعادلة‮ ‬عندما‮ ‬منحه‮ ‬حق‮ ‬التصويت‮ ‬على‮ ‬الدستور‮ ‬الذي‮ ‬يناسبه‮ ‬أكثر‮.‬
الذين‮ ‬خرجوا‮ ‬بعد‮ ‬الخطاب‮ ‬الملكي‮ ‬يقولون‮ ‬إن‮ ‬ما‮ ‬قاله‮ ‬الملك‮ ‬ليس‮ ‬سوى‮ ‬وعود،‮ ‬ولذلك‮ ‬يجب‮ ‬الاستمرار‮ ‬في‮ ‬النزول‮ ‬إلى‮ ‬الشارع‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬الضغط،‮ ‬والذين‮ ‬قالوا‮ ‬إن‮ ‬تعيين‮ ‬الملك‮ ‬لأعضاء‮ ‬اللجنة‮ ‬التي‮ ‬ستسهر‮ ‬على‮ ‬إعداد‮ ‬الدستور‮ ‬الجديد‮ ‬يتنافى‮ ‬مع‮ ‬الديمقراطية،‮ ‬لأن‮ ‬اللجنة‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬تكون‮ ‬منتخبة،‮ ‬يمارسون‮ ‬ببساطة‮ ‬وصاية‮ ‬غير‮ ‬مبررة‮ ‬على‮ ‬الشعب‮.‬
وهم‮ ‬عندما‮ ‬يقولون‮ ‬إن‮ ‬تعيين‮ ‬اللجنة‮ ‬من‮ ‬طرف‮ ‬الملك‮ ‬خطوة‮ ‬غير‮ ‬ديمقراطية،‮ ‬ينسون‮ ‬أن‮ ‬الملك‮ ‬قال‮ ‬أيضا‮ ‬إن‮ ‬هذه‮ ‬اللجنة‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬تعمل‮ ‬بتشاور‮ ‬مع‮ ‬جميع‮ ‬الأحزاب‮ ‬والفعاليات‮ ‬الحقوقية‮ ‬والشبابية‮ ‬المؤهلة‮ ‬بدون‮ ‬استثناء‮ ‬أو‮ ‬تمييز‮.‬
وحتى‮ ‬عندما‮ ‬ستنتهي‮ ‬هذه‮ ‬اللجنة‮ ‬من‮ ‬إعداد‮ ‬بنود‮ ‬الدستور‮ ‬الجديد،‮ ‬بتشاور‮ ‬مع‮ ‬الأحزاب‮ ‬والفعاليات‮ ‬الحقوقية‮ ‬والشباب،‮ ‬فإن‮ ‬الكلمة‮ ‬الفصل‮ ‬ستبقى،‮ ‬في‮ ‬نهاية‮ ‬المطاف،‮ ‬للشعب‮.‬

الاثنين، 14 مارس 2011

بيت الداء

دخان‮ ‬الحرب‮ ‬الدائرة‮ ‬رحاها‮ ‬بين‮ ‬حزب‮ ‬الاستقلال،‮ ‬بزعامة‮ ‬شباط،‮ ‬وبين‮ ‬حزب‮ ‬الأصالة‮ ‬والمعاصرة،‮ ‬بزعامة‮ ‬الهمة،‮ ‬لا‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يحجب‮ ‬عنا‮ ‬العلاقة‮ «‬التاريخية‮» ‬والقديمة‮ ‬بين‮ «‬الزعيمين‮». ‬
فرغم‮ ‬ما‮ ‬يبدو‮ ‬من‮ ‬جفاء‮ ‬بين‮ ‬الهمة‮ ‬وشباط‮ ‬ورغم‮ ‬انحطاط‮ ‬الشتائم‮ ‬المتبادلة‮ ‬بين‮ ‬الحزبين‮ ‬على‮ ‬لسان‮ ‬ممثليهما،‮ ‬فالتاريخ‮ ‬يشهد‮ ‬بأن‮ ‬الهمة‮ ‬فعل‮ ‬كل‮ ‬ما‮ ‬بوسعه‮ ‬عندما‮ ‬كان‮ ‬وزيرا‮ ‬منتدبا‮ ‬في‮ ‬الداخلية،‮ ‬وحتى‮ ‬عندما‮ ‬غادرها،‮ ‬لكي‮ «‬يسهل‮» ‬مأمورية‮ ‬شباط‮ ‬ويمنحه‮ «‬الحماية‮» ‬التي‮ ‬يحتاج‮ ‬إليها‮ ‬لكي‮ ‬يستمر‮ ‬في‮ ‬موقعه‮ ‬بدون‮ ‬محاسبة‮.‬
ولذلك‮ ‬فعندما‮ ‬تم‮ ‬تعيين‮ ‬الوالي‮ «‬عرفة‮» ‬على‮ ‬فاس‮ ‬بعدما‮ ‬كان‮ ‬كاتبا‮ ‬عاما‮ ‬في‮ ‬وزارة‮ ‬الداخلية،‮ ‬ورفض‮ ‬هذا‮ ‬الأخير‮ ‬التوقيع‮ ‬على‮ ‬مقررات‮ ‬شباط‮ ‬غير‮ ‬القانونية،‮ ‬بدأ‮ ‬الإعداد‮ ‬في‮ ‬وزارة‮ ‬الداخلية‮ ‬للإطاحة‮ ‬به‮ ‬من‮ ‬الولاية‮ ‬وتعويضه‮ ‬بوال‮ ‬جديد‮ ‬مستعد‮ ‬للتوقيع،‮ ‬بعينين‮ ‬مغمضتين،‮ ‬حتى‮ ‬على‮ ‬قرار‮ ‬إعدامه‮.‬
وهكذا‮ ‬حط‮ ‬الوالي‮ ‬الغرابي‮ ‬بولاية‮ ‬فاس‮ ‬وآثار‮ ‬الطماطم‮ ‬التي‮ ‬قذفه‮ ‬بها‮ ‬المواطنون‮ ‬في‮ ‬العيون‮ ‬لازالت‮ ‬عالقة‮ ‬بجلبابه‮ ‬المخزني‮. ‬
ولأن‮ ‬الوزير‮ ‬المنتدب‮ ‬في‮ ‬الداخلية،‮ ‬فؤاد‮ ‬عالي‮ ‬الهمة،‮ ‬كان‮ ‬يخوض‮ ‬حرب‮ ‬تطهير‮ ‬شرسة‮ ‬في‮ ‬حق‮ ‬بقايا‮ ‬البصري،‮ ‬فقد‮ ‬وضع‮ ‬يده‮ ‬في‮ ‬يد‮ ‬شباط‮ ‬لكي‮ ‬يصفي‮ ‬لصالحه‮ ‬سياسيا،‮ ‬وبالوكالة،‮ ‬أحد‮ ‬أذناب‮ ‬البصري‮ ‬الأوفياء،‮ ‬والذي‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬شخصا‮ ‬آخر‮ ‬سوى‮ ‬رفيق‮ ‬شباط‮ ‬في‮ ‬النقابة‮ ‬والحزب،‮ ‬عبد‮ ‬الرزاق‮ ‬أفيلال‮.‬

السبت، 12 مارس 2011

محمد الثائر


لم‮ ‬يحدث،‮ ‬منذ‮ ‬اعتلاء‮ ‬الملك‮ ‬عرش‮ ‬المملكة،‮ ‬أن‮ ‬كان‮ ‬المغاربة،‮
‬داخل‮ ‬الوطن‮ ‬وخارجه،‮ ‬مشدودين‮ ‬إلى‮ ‬شاشات‮ ‬التلفزيون‮ ‬وأجهزة‮
‬الراديو‮ ‬مثلما‮ ‬كانوا‮ ‬مساء‮ ‬الأربعاء،‮ ‬فقد‮ ‬كان‮ ‬الجميع‮ ‬ينتظر‮
‬من‮ ‬الملك‮ ‬أن‮ «‬يفرتك‮ ‬الرمانة‮» ‬و‮«‬يطلقنا‮ ‬للفراجة‮»‬،‮ ‬خصوصا‮
‬والدعوات‮ ‬عبر‮ ‬الفيسبوك‮ ‬إلى‮ ‬التظاهر‮ ‬المليوني‮ ‬يوم‮ ‬20‮ ‬مارس‮
‬لمطالبة‮ ‬الملك‮ ‬بالإصلاحات‮ ‬في‮ ‬أوجها‮. ‬
الجميع‮ ‬كان‮ ‬ينتظر‮ ‬من‮ ‬الملك‮ ‬إما‮ ‬أن‮ ‬يصطف‮ ‬إلى‮ ‬جانب‮ ‬شرذمة‮
‬من‮ ‬المحافظين‮ ‬والانتهازيين‮ ‬الذين‮ ‬يريدون‮ ‬تهريب‮ ‬الملكية‮
‬لمصلحتهم‮ ‬الخاصة‮ ‬وسرقتها‮ ‬من‮ ‬الشعب،‮ ‬وإما‮ ‬أن‮ ‬يكشف‮ ‬عن‮ ‬وجهه‮
‬الثوري‮ ‬الحقيقي‮ ‬متجاوزا‮ ‬مطالب‮ ‬ومزايدات‮ ‬بعض‮ ‬ثوريي‮ ‬أيام‮ ‬العطل‮
‬الأسبوعية،‮ ‬ويعلن‮ ‬عن‮ ‬انقلاب‮ ‬دستوري‮ ‬شامل‮ ‬وجذري‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬تسيل‮
‬قطرة‮ ‬دم‮ ‬واحدة‮ ‬في‮ ‬الشوارع‮ ‬في‮ ‬سبيل‮ ‬هذا‮ ‬المطلب‮.‬

الجمعة، 11 مارس 2011

مول المحلبة


كل الذين اطلعوا على الخبر المنشور في عمود أمس حول الصفقة التي فوتها، في سرية تامة، علي الفاسي الفهري، مدير المكتب الوطني للكهرباء، إلى شركة فؤاد عالي الهمة «مينا ميديا كونسيلتين»، مقابل سعر وصل إلى 750 مليون سنتيم، تساءلوا عن حقيقة الخبر.
فقد شعر الجميع بالصدمة لكون مؤسس حزب سياسي يقول عن نفسه إنه جاء لتخليق الحياة السياسية، وصاحب أكبر فريق نيابي في البرلمان يقول إنه تكون من أجل الدفاع عن الشفافية ومحاربة الفساد، حصل على صفقة للترويج لإدماج مكتبي الماء والكهرباء وشرع يتقاضى شهريا مبلغ 75 مليون سنتيم حتى قبل أن يتم عرض هذا المشروع أمام البرلمان للتصويت عليه.
والفضيحة الكبرى هي أن الفريق النيابي لمؤسس الحزب وصاحب الشركة الحاصلة على الصفقة، صوت بالإجماع في البرلمان لصالح مشروع الإدماج. أي، بعبارة أخرى، أن الحساب البنكي لشركة الهمة ظل يتوصل، منذ أبريل 2010، بتحويلات مالية شهرية من المكتب الوطني للكهرباء قيمتها 75 مليون سنتيم، هذا في الوقت الذي كان فيه مشروع إدماج مكتبي الماء والكهرباء لا يزال يخضع للمناقشة في ردهات مجلسي النواب والمستشارين.
هناك ثلاثة أسئلة يجب أن يجيب عنها مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة أمام دافعي الضرائب الذين يؤدون إلى المكتب الوطني للكهرباء فواتير شهرية من جيوبهم:
السؤال الأول سياسي، يتعلق بإشكالية جمع الهمة بين شركة خاصة وذراع نيابي في مجلسي النواب والمستشارين لديه سلطة التصويت على مشاريع القوانين التي تتكلف شركته الخاصة بإعداد حملات التواصل حولها مقابل مئات الملايين، مما يفيد بأن هناك تضاربا واضحا في المصلحة، أو ما يسمى في لغة القانونيين le conflit d'intérêts.

الخميس، 10 مارس 2011

ثوار السيغار والكافيار


لعل المثال الشعبي الذي ينطبق على مجموعة من رجال المال والأعمال المغاربة الذين يمتدحون حركة شباب 20 فبراير وما يرافقها من وقفات أسبوعية، هو ذلك المثال الذي يقول «ياكل مع الذيب ويبكي مع السارح».
ونحن نتابع تصريحات ومواقف بعض المليارديرات حول الإصلاحات التي يجب أن يعرفها المغرب، نخرج بقناعة مفادها أن أغلب هؤلاء الناس «الخانزين فلوس» أحسوا بالخوف مما يمكن أن يحمله المستقبل من تغييرات و«شدتهم القفقافة» وهم يتابعون، عبر شاشات القنوات الفضائية، الانهيارات المتتالية للأنظمة العربية وكيف يصادر الثوار ثروات رجال الأعمال المتواطئين مع الأنظمة، ومنها حسابات شركات ميلود الشعبي بمصر، ولذلك فكروا في إعلان التوبة المبكرة بالانحياز إلى صف الشباب الغاضب المطالب بالإصلاح، ومنهم من أصبح يداوم على الخروج كل أحد للقيام برياضة المشي في الساحات والشوارع عوض القيام بها في ملاعب الغولف التي تعود ارتيادها نهاية كل أسبوع.
الأحد الماضي، نزل الملياردير كريم التازي إلى الساحة التي يحتج فيها شباب 20 فبراير بالدار البيضاء، وقال للشباب «كنعيا نشوف فهاذ الشباب وماكنشبعش منو، برافو عليهم».

الأربعاء، 9 مارس 2011

«العظمة ما منوش غير الفلوس اللي ما عندوش»

إنه لمن المحزن دائما أن يضطر الصحافيون بين وقت وآخر لحضور جنازة مجلة أو جريدة، وتعزية مديرها بكلمات حارة قبل أن ينصرف المعزون إلى شؤونهم وينسى الجميع الفقيد مع مرور الوقت.
لكنه من المؤسف أيضا أن نرى كيف يتقبل الصحافيون الشتائم دون أن يحركوا ساكنا من عائلة الفقيد عوض الدعاوي بتعشير الخطوات.
عندما يقول «بوبكر الجامعي» أنه سيعتزل الصحافة نهائيا لأنه «لا مكان لصحافة حرة في المغرب»، فإنه يقول لكل الصحافيين الذين حجوا إلى مقر الحزب الاشتراكي الموحد لحضور تأبين مجلة «لوجورنال»، بأنه الوحيد الذي كان يمارس الصحافة الحرة في المغرب، وباعتزاله وإغلاق مجلته فإن الصحافة الحرة ستنقرض في هذه البلاد إلى الأبد.
إذا لم يكن هناك مكان لصحافة حرة في المغرب بعد بوبكر الجامعي ومجلة «لوجورنال»، فماذا نسمي كل هؤلاء المئات من الصحافيين ومدراء الجرائد والمجلات والإذاعيين وصحافيي التلفزيون الذين يمارسون مهنة الصحافة في المغرب اليوم.
إذا قبلنا بفرضية بوبكر الجامعي القائلة بأن الصحافة الحرة مستحيلة في المغرب، فإن كل ما يصدر اليوم في المغرب من صحف ومجلات ومنشورات تمارس صحافة العبودية. يعني أننا كصحافيين مجردين من حريتنا وخاضعين جميعا لأسياد في الدولة والحكومة والمؤسسات المالية يتحكمون في خطوطنا التحريرية.

الثلاثاء، 8 مارس 2011

الإرث الثقيل

بعد أفول نجم إلياس العماري، المستشار الشخصي لفؤاد عالي الهمة، مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة، وطرده من جنة المربع الذهبي، أصبح هذا الأخير يبحث عن كل الطرق والوسائل لإرسال تهديدات مبطنة إلى أصدقائه القدامى الذين أصبحوا يتجنبونه بعدما كانوا يؤنسون جلساته.
فمرة يتصل بصديقه ماسح الأحذية لكي يطلب منه عبر الهاتف نشر «إشاعة» سفره إلى فرنسا من أجل إعداد رسالة الدكتوراه، مع أن الرجل مستواه لا يتعدى الباك ناقص ثلاثة، ومرة لكي يفتي عليه «إشاعة» استقراره في باريس واحتمال طلبه للجوء السياسي في فرنسا، مع أن الرجل لم يكن يوما مضطهدا ولا مهددا ولا مطلوبا للعدالة.
والهدف، طبعا، من كل هذه الإشاعات الموجهة التي يوصلها العماري إلى من يهمهم الأمر هو تذكير هؤلاء بأن مهمة التخلص من صديق صديق الملك ليست سهلة إلى هذه الدرجة كما يتصور البعض.
وعندما يقول، في حواره مع «الأيام»، إنه يعرف جيدا الأشخاص النافذين الذين جمعوا الثروات وحصلوا على جنسيات أجنبية، استعدادا للقفز من السفينة عند الإحساس بالخطر، فهو يلوح بإمكانية تسريب أسماء هؤلاء إلى أصدقائه الصحافيين المنتشرين في كل المنابر الإعلامية.

الاثنين، 7 مارس 2011

السيرورات

«زملاء واش من زملاء هادو». هكذا قلت لنفسي وأنا أتابع كل هذه المرافعات مدفوعة الأجر بواسطة صفحات الإعلانات، والتي يتطوع بعض الصحافيين «السيرورات» للقيام بها لصالح كل هؤلاء المسؤولين ورجال الأعمال والمليارديرات الذين نكشف تناقضاتهم ونفاقهم وطهرانيتهم الزائفة على صفحات هذه الجريدة.
كلما فتحنا ملف أحدهم وقدمنا الدلائل والإثباتات التي تؤكد تناقضاته والفرق الكبير والصادم بين ما أصبح اليوم يرفعه من شعارات الإصلاح والتغيير وبين الجشع الذي بفضله جمع ثرواته الخيالية، يطلع علينا واحد من هؤلاء «السيرورات» الذين يعيرون أفواههم لأكل الثوم الذي يعافه أسيادهم وأولياء نعمتهم.
والتهمة دائما جاهزة وبسيطة، وهي أن ما نكتبه حول هؤلاء الناس يأتينا على طبق من ذهب مباشرة من أقبية الأجهزة السرية.
وهنا ليسمح لنا هؤلاء «الزملاء» أن أصارحهم بشيء، وهو أن منتهى ما يطمح إليه الصحافيون في كل أرجاء العالم هو أن تكون لديهم مصادر في أجهزة المخابرات والأمن تمدهم بالملفات والمعلومات الدقيقة التي لا تتوفر عادة إلا لديهم.

السبت، 5 مارس 2011

اللي عندو باب واحد

لم يستطع أحد من المنتمين إلى عائلة «الفاسي الفهري» أن يعلق على الشعارات التي تعالت في شوارع المملكة مطالبة بالحد من نفوذ هذه العائلة. الوحيد الذي سمعناه يدافع عن هذه «العائلة المظلومة» هو الملياردير الشاب صاحب بواخر «كوماريت» وعمدة طنجة السابق «سمير عبد المولى».
فقد قال، في ندوة نظمها بابا الإعلام المغربي الجديد الذي أصبح يمنح صكوك الثورة والغفران للمليارديرات ورجال الأعمال الباحثين عن «الخلاص»، إن ما تتعرض له عائلة «الفاسي الفهري» على يد الإعلام فيه نوع من الظلم.
ولأننا لا ننطلق في انتقادنا لنفوذ هذه العائلة من فراغ، دعونا نعطي أمثلة جديدة على توغل أبناء وأحفاد هذه العائلة داخل المؤسسات العمومية التابعة لوزارات «عمو عباس»، وكيف يستعملون هذا التوغل من أجل منح الصفقات العمومية لشركات بعينها.
قبل سنوات، عندما كان «عبد اللطيف معزوز»، وزير التجارة الخارجية الحالي، مجرد مدير لدار الصانع، كان كلما نزل في فرنسا حل ضيفا على «سعد بن عبد الله»، المستشار الاقتصادي للسفير المغربي في باريس آنذاك.

الجمعة، 4 مارس 2011

حسن «أويد»

كل من قرأ العنوان المثير الذي اختاره مؤرخ المملكة السابق السيد «حسن أوريد» لرده المنشور في جريدة «الصباح» على ما كتبناه بصدد ثروته والممتلكات التي أصبح يتوفر عليها أفراد من عائلته فجأة، اعتقد أن الرجل سيخصص رده لتوضيح الملابسات التي حصل فيها «آل أوريد» على كل هذه الممتلكات والعقارات والأراضي التي تحدثنا حولها في عمودنا السابق الذي يحمل عنوان «صكوك الثورة».
لكن الرجل، في الواقع، فضل الاحتماء بالإنشاء عوض وضع النقط على الحروف وتقديم الدليل الواضح على مصادر ثروته الكبيرة، والتي يسجل جزءا كبيرا منها بأسماء أفراد من عائلته.
يستطيع السيد حسن أوريد أن يستشهد بكل شعراء وروائيي الأدب العالمي، فهذا لن يجعل سكان مكناس ينسون اللقب الذي أطلقوه عليه عندما غيروا اسمه من «حسن أوريد» إلى «حسن أويد». وعندنا نحن الشلوح فكلمة «أويد» تعني آتـِني، أي «جيب».
وهذا اللقب لم يخترعه سكان مكناس من فراغ، بل لأن مقاوليهم ومستثمريهم كانوا يعرفون أن الرخص الاستثنائية التي تمنحها الولاية، والتي «مخمخ» فيها حسن أوريد، لا يمكن الحصول عليها دون أن يأتوا معهم بالإتاوة.

الخميس، 3 مارس 2011

من سرق المصحف؟


في الوقت الذي كان فيه الملياردير ميلود الشعبي يبارك ثورة المصريين ويثني على شجاعتهم التي أسقطت الرئيس حسني مبارك وأعوانه، من وزراء ورجال أعمال فاسدين، خارجا مع شباب 20 فبراير هاتفا بالشعارات التي تدعو إلى إبعاد المفسدين عن تسيير الشأن الاقتصادي والسياسي المغربي، كان أعوان مجموعة الشعبي يتفاوضون مع أحد موظفيه السابقين في إحدى شركاته بتونس، وزير المالية صلاح الدين مزوار، حول إمكانية تحويل مبلغ 300 مليار سنتيم من مصر نحو حسابه بالمغرب.
وبينما كانت الطبقة السياسية والمعارضون اليساريون يحشدون الدعم لحركة شباب 20 فبراير للحصول على ضمانات من النظام للقيام بإصلاحات دستورية، كان الحاج ميلود يتفاوض مع وزير المالية للحصول على ضمانات تسمح له، في حالة إدخال هذه المليارات إلى المغرب، بإمكانية إخراجها بحرية في الوقت الذي يشاء.
السؤال المحير الذي يطرح نفسه هنا، هو: لماذا يسابق الملياردير ميلود الشعبي الزمن لإخراج ملياراته من مصر في هذه الظروف بالذات، خصوصا وأن الفساد المالي والسياسي الذي ينتقده الشعبي قد بدأت سطوته تزول في مصر لكي تفسح المجال للشفافية والنزاهة في الصفقات؟

الأربعاء، 2 مارس 2011

مطالب بسيطة جدا

هناك من يطالب بتغيير الدستور وإسقاط الحكومة وتجريد برلمانيي مجلس النواب ومستشاري الغرفة الثانية من حصانتهم، وهناك من يحلم فقط بتغيير رئيس المجلس البلدي وعمدة المدينة أو موظف بسيط في مدينة منسية يتحكم في رقاب عباد الله ويبتزهم من أجل إعطائهم البطاقة الوطنية أو عقد الازدياد.
البعض عاتبنا لأننا انشغلنا بالكتابة حول الثورات العربية والمطالب الكبيرة للنخبة ونسينا مطالب الشعب البسيطة واليومية والمستعجلة.
وإذا كان شباب المدن الكبرى يستعملون الفيسبوك من أجل الدعوة إلى مسيرات احتجاجية من أجل إسقاط الحكومة، فإن شباب مدينة باب برد التابعة لإقليم شفشاون استعملوا الفيسبوك من أجل ضرب موعد لاقتحام اجتماع المجلس البلدي والمطالبة بالإطاحة بالرئيس مخلوف مرزوق الذي حول مدينتهم إلى منطقة منكوبة، واستدعاء قضاة المجلس الأعلى للحسابات ومفتشي الداخلية لفتح ملفات المجلس البلدي الذي لم يتقدم رئيسه قط أمام أعضائه بأية فاتورة تبرر نفقاته.
وهكذا اقتحم حوالي مائة شاب قاعة الاجتماع، مدعومين بثلاثة آلاف مواطن اجتمعوا خارج المجلس، وطالبوا برحيل الرئيس ونائبه الذي يوقع على الوثائق في دكانه.

الثلاثاء، 1 مارس 2011

الهدية المسمومة

مثلما هناك تسابق داخل أوساط المال والأعمال وبعض رجالات السلطة الذين كانوا، إلى وقت قريب، «يلعبون» داخل المربع الذهبي لتبييض ماضيهم والظهور إلى جانب السياسيين المعارضين في الندوات والجرائد والمجلات، هناك أيضا سباق محموم داخل صالونات الرباط والدار البيضاء من أجل الانقضاض على بعض المؤسسات والوزارات التي ستعرف تغييرات محتملة.
وخلال الأيام الأخيرة، انتشرت أخبار تتحدث عن تعديل حكومي مرتقب، وذهبت بعض وسائل الإعلام المقربة من الأوساط المالية والاقتصادية إلى اقتراح اسمين للوزارة الأولى مكان عباس الفاسي الذي يبدو أن الحرائق التي اندلعت في تلابيب العالم العربي لا تعنيه كثيرا. فالرجل ذهب إلى قطر، ومنها كان ذاهبا إلى الكويت، ولولا أن الديوان الملكي اتصل به لكي يدخل على عجل لكي يوقع على مرسوم وزاري تم تأجيل نشاط ملكي في مراكش بسببه، لتابع «عباس الفرناس» طيرانه حول العالم.
وطبعا، ليس من قبيل الصدفة أن يكون راديو «أطلنتيك»، التابع لمجموعة «إكوميديا»، هو من بادر إلى إطلاق اسمي جطو والطراب كاسمين مرشحين بقوة لشغل منصب الوزير الأول في الحكومة المعدلة «جينيا».