الجمعة، 3 يونيو 2011

دفاع رشيد نيني يتساءل: هل يمكن اتهام ملك البلاد بالتحريض على الإرهاب عندما تحدث عن وقوع تجاوزات في أحداث 16 ماي؟

السفياني يتهم الوكيل العام للملك بخرق سرية التحقيق ويطالب باستكمال وثائق الملف 
 
خديجة عليموسى
اختارت هيأة الدفاع في جلسة محاكمة رشيد نيني، مدير  نشر «المساء»، أن تكون هناك مرافعة واحدة تقدم بها خالد السفياني، منسق هيأة الدفاع، كتعقيب على ممثل النيابة العامة،
الذي طالب المحكمة برفض جميع الطلبات الأولية والدفوعات الشكلية، والتي تهُمّ، بالأساس، بطلان المتابعة والمحاضر وإعمال قانون الصحافة، بدل القانون الجنائي، وخرق الوكيل العام للملك سريةَ التحقيق.

وإلى جانب ذلك، اعتبر ممثل النيابة العامة أن الأمر الذي وجّهه الوكيل العام للملك، في البداية، للفرقة الوطنية للشرطة القضائية يهمّ البحث في الجرائم التي كتب عنها رشيد نيني.

وفي ما يلي مقتطفات من مرافعة منسق هيأة الدفاع، والتي رد فيها على ممثل النيابة العامة.

إنه لا حق لأحد في أن يلتفّ حول القانون ويعتدي على حقوق المتهم وعلى أسماء مواطنين لا يريدون التقدم بشكاية، إن هذا اعتداء على القانون من قِبَل النيابة العامة ومحاولة للدوس على تضحيات المغرب، لماذا فرض على عدد من الشخصيات تداول أسمائهم في الملف؟

ليست النيابة العامة من منحتنا القانون مجانا، بل إن عددا من القوانين سُنَّت بفعل تضحية الشعب المغربي. وإذا رغب ممثل النيابة العامة في أن يعاقبنا بسبب حديثنا عن الفصل الـ7 وعن مجلس الأمن، فليزج بنا في السجن فلسنا من الجبناء لأننا نقبل أن تمس مهنة المحاماة.


وإنني وإذ ما زلت أتحدث عن  مجلس الأمن  والقاعة 7، فإنني لا أستقوي بمجلس الأمن، فإذا كنا قد أدنّا جرائم القذافي بقوة فإننا أدنّا، بنفس القوة، التدخل الأجنبي في ليبيا.

يجب أن يعلم ممثل النيابة العامة أن هناك «مجازا» في المرافعة، وما زلت أقول «ما بْقى لينا غيرْ مجلس الأمن باشْ نحصلو على قاعة ملائمة».. شخصيا، لقد مرضت لمدة أسبوع، بسبب الاختناق في قاعة المحاكمة، غيرِ المناسِبة، حتى اعتبرت أن بقاءنا في هذه القاعة هو وسيلة من وسائل «تعذيب» المحامين...

سيدي الرئيس، إذا كان أحد الزملاء قد تحدث عن تيار في البلاد يرغب في التخريب، فأنا على استعداد لأن أمنح ممثلَ الحق العام حوالي 200 شريط فيديو لمواطنين «يُجلَدون» في الساحات العمومية، ومنهم أطباء، أليس من ارتكب هذا يخرّب البلاد؟ هل تابعتم الذين صورتهم الكاميرات وهم يجلدون الناس ويكسرون أضلع المواطنين العُزّل؟ هل تابعتم وزير الاتصال، الذي اعتبر أن الحضارة هي تكسير أضلع المواطنين، وهو الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان؟!

إن اعتداءات فظيعة  متكررة  ارتُكِبت في حق المواطنين وفي حق حركة 20 فبراير وفي حق رجال ونساء الإعلام أيام 15 و22 و29 ماي، إذا كانت الحضارة هي جلد الناس واختطافهم، فإن هذا دوس على القانون، وباسم هيأة الدفاع، أقول إن من اعتقل رشيد نيني يشكل جزءا من هذا التيار، الذي يريد الخراب لهذا البلد، إن من يجلد ويعذب المواطنين هو من أمر باعتقال رشيد نيني، بدون أن تسجل ضده أي شكاية.

إننا نخبركم أن جرائم ارتُكِبت ضد الشعب المغربي خلال هذه الأيام ويجب أن تفتحوا متابعات وملفات وتعاقبوا كل من اعتدى على أي مواطن مغربي.

جدوى قانون الصحافة

سيدي الرئيس, إن حق الملاءمة لا يعطي الحق لممثل النيابة العامة في متابعة رشيد نيني بالقانون الجنائي، فمثلا لا يمكن أن نتابع مدنيا في المحكمة العسكرية، لم يمنح القانون لممثل النيابة العامة حق التصرف في مصير الناس كما يشاء، كما لم يمنحه الحق في إلغاء قانون الصحافة، ففي هذا الملف، وقع إلغاء قانون الصحافة، وسألتُ الصحافيين عن جدوى التعديل في قانون الصحافة ما دام لم يُحترَم، بل طالبت بإحراقه في ساحة عمومية...

لقد قلنا إن الفصل الـ80 من قانون الصحافة يمنع متابعة صحافي في قضايا النشر بغير قانون الصحافة، وقال ممثل الحق العام إن هذا الفصل هو خوض في الموضوع. لا نعرف ما الذي يرغب فيه ممثل النيابة العامة؟

نحن أمام قضية تتعلق بالنشر، وإن نيني متابَع بما كتب في جريدته، بالإضافة إلى أنه مدير للنشر ولم يرتكب جريمة عن طريق الصواريخ المضادة للطائرات، بل إنه متابَع بما نشر في الصحافة.

إن الذين يحرّكون هذا الملف لا يدركون أنهم يسيرون بالبلاد نحو عدم الاستقرار ونحو الهاوية، بقمع الناس وقمع الصحافيين، أين تسيرون بهذا البلد؟ هذا خطير بالنسبة إلى ما نتوخاه لمستقبل هذا البلد، لأنه يعطي انطباعا للناس بأن من يعِدُهم بالتغيير يضحك عليهم، أي ثقة ستبقى في خطاب 9 مارس إذا كانت الأمثلة التي تقدم للمواطنين هي «اغتيال» القانون وقمع الناس؟!...

ملف ناقص

لقد قال السيد ممثل النيابة العامة كلاما خطيرا جدا، ونطلب منه أن يسجل، فأحد الزملاء أثار طرح موضوع خرق المادة الـ49 من المادة الجنائية وأن ممثل الحق العام ليس مختصا والسيد ممثل النيابة العامة لم ينفِ ذلك، ولكنه قال إن الوكيل العام للملك وجّه رسالة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية من أجل البحث في صحة وثبوت الجنايات التي وردت في مقالات رشيد نيني، وخاصة الأعمدة، وهذا يغير كل شيء في المتابعة، خاصة بعد تأكيد ممثل الحق العام ذلك، لأن البحث ينبغي أن يتوجه لمن ارتكب الجريمة وليس إلى من كتب عنها...

إذا كان الوكيل العام للملك يريد أن يبحث في الجرائم والجنايات وحول ظروفها، فليبحث عن من ارتكب هذه الجرائم وليس عن نيني..

إن وثائق البحث ناقصة، والآن، بعد أن قال ممثل الحق العام إنهم قاموا بالتحريات والأبحاث والتأكد من الأقوال التي وردت في مقالات نيني، فإننا نلتمس منكم إحضار تقارير كل التحريات والنتائج والوثائق التي أُجريت في هذا الملف ولم تُُضمَّ إليه، ونتساءل لماذا غُيِّبت تلك الوثائق؟ أن ما قيل اليوم يُبيّن أن الأمور سارت في اتجاه معاكس تماما لِما كان ينبغي أن تسير عليه، وقد أصبح من الضروري أن نتحرى وأن تتم مساءلة من «صنع» هذا الملف وتحايَل على القانون ومن أجرى تحريات لم تقدم في الملف.

إن من أصدر القرار هو وكيل الملك، الذي «هرب» إلى حالة التلبس وقام بالتحريات التي لم تقدم للمحكمة وتابع البحث في جنحة ضبطية، فيما يعترف ممثله في الجلسة بأنه خرق لمقتضيات الفصل الـ49، إن هناك إفشاء لسر البحث التمهيدي لا يمكن لممثل الحق العام الهروب منه، وسأسأله كم من بيان أصدره الوكيل العام للملك في ملفات تمر يوميا؟ وكم من قضية صحافة وقع فيها هذا، باستثناء قضية بلعيرج وقضايا الإرهاب  والتي وقع فيها إفشاء السر العام.

إن ما وقع هو مقدمة لـ«فبركة» ملف رشيد نيني من أجل التأثير على الرأي العام. عندما أصدر الوكيل العام للملك بيانا تحدث عن وقائع يقول فيها إن نيني ارتكب أفعالا تمُسّ بأمن الوطن والمواطنين، أليس هذا إفشاء لسرية البحث التمهيدي، والغاية منه هي تهيئ الرأي العام لمحاكمة نيني والاعتداء عليه؟! إن ما قام به الوكيل العام للملك كان يستهدف خلق بلبلة لدى الرأي العامّ، والدليل أن ما ورد في المتابعة لا علاقة له بالبيان.

عندما قرأتُ المذكرة المكتوبة التي أدلى بها ممثل النيابة العامة سجلتُ ملاحظة عامة، وهي اعتبار بعض الطلبات الأولية والدفوعات الشكلية ضمن الموضوع، وكأنه يوحي للمحكمة بالقول بضمها إليه. إن الأمر يتعلق بدفوعات تكتسي أهمية قصوى أثناء مناقشة القضية، فإذا كانت المتابعة باطلة والمحاضر باطلة، فعلى أي أساس سنناقش القضية؟ هناك دفوع لا يمكن الحديث عنها، تتعلق بالموضوع، فمثلا الدفع ببطلان المتابعة، إذا لم يُبَتّ فيه، كيف يمكن أن تستمر المحاكمة دون أن نعرف هل تتم متابعة رشيد نيني بمقتضى أفعال تهُمّ قانون الصحافة أم بالقانون الجنائي؟!...

الملك وتجاوزات 16 ماي

نحن لا نقبل أن نكون جزءا من مشهد كل فصوله معروفة... إن المتابعة باطلة، ليس فقط لأن قانون الصحافة موجود، بل أيضا يجب أن يتقدم أشخاص بشكاية (شكايات) وهذه العناصر تبرز بطلان المتابعة وتبرر القول إن ما نُسِب إلى رشيد نيني يدخل ضمن قانون الصحافة.

إن القول إن بعض أجهزة القضاء فاسدة هناك عدد من المواقف التي تزكيه وتقول إن هناك فسادا في القضاء يجب إصلاحه، ليس هناك أكثر من ملك البلاد، الذي تحدث، في عدد من المناسبات، عن إصلاح القضاء.

أما بعض قضايا الإرهاب، خاصة خلال فترة 16 ماي، فإن بعض القضايا صدرت فيها أحكام ظالمة وكانت فيها أخطاء، وهناك شهود وهناك تصريح للملك لجريدة «إلباييس»، الإسبانية، يقول فيه إن هناك تجاوزات وقعت.. فهل كل من قال إن بعض الأحكام كانت جائرة ولم تكن منصِفة يساند الإرهاب؟!

هل يمكن اتهام ملك البلاد عندما قال بحدوث تجاوزات في ملف 16  ماي بدعم الإرهاب أو بالدعوة إليه وأن هناك تحقير مقررات قضائية، لأن هناك تجاوزات؟

عندما يتحدث صحافي عن قانون الإرهاب، يعتبر الوكيل العام للملك أن رشيد نيني وصلت به «الجرأة» إلى الحد بالمطالبة بإلغاء قانون الإرهاب، فهذا ليس مطلب نيني لوحده، بل مطلب عدد من الجمعيات الحقوقية, وجمعية هيآت المحامين في المغرب، في مؤتمرها الأخير، طالبت بإلغاء قانون الإرهاب.

إن 90 في المائة من المغاربة يقولون بوقوع تجاوزات في ملف 16 ماي ويطالبون بإعادة محاكمة المتّهَمين فيه. عندما أتحدث في مثل هذه المواضيع، فإنني أتحدث بكل موضوعية، وإذا أراد ممثل النيابة العامة أن يفتح تحقيقا سأبعث له 200 فيديو مسجلة تتضمن الاعتداءات على مواطنين.. كيف يمكن الحديث عن تغييرات جوهرية واعتداءات مورست في حق نساء وأطفال وشيوخ؟

لا وجود لقانون يعطي الحق لرجل الأمن في أن يضرب المواطنين ولا يوجد قانون يسمح بذلك، ولو كان مواطن يريد ارتكاب جريمة، فلا يجب ضربه بل يجب اعتقاله.

خرق سرية البحث

لقد خرَق الوكيل العام للملك سرية البحث التمهيدي وأي طرف خرَق هذه السرية يجب أن يُعاقَب. جاء في تعقيب ممثل النيابة العامة أنه لا يتصور أن يخرق الوكيل العام للملك سرية التحقيق، وأنا أقول إنه يُتصوَّر أن يخرقها، لأن وزير العدل ورئيس المحكمة وغيرهما من القضائيين يمكنهم أن يخرقوا القانون.

إن نشر البلاغ بحجة تنوير الرأي العام هو فعل يجب أن يُعاقَب عليه الوكيل العام للملك وأيضا الضابط الذي خرق سرية البحث التمهيدي، لأن في ذلك محاولة للتأثير على الرأي العام وعلى القضاء. وأتساءل كم من بلاغ أصدره الوكيل العام للملك في الملفات التي تُعرَض على المحكمة لتنوير الرأي العام؟ فوزير الاتصال، مثلا، يرى الناس يُضرَبون ويقول «الحضارة»!.. «ما جاتو الحضارة غيرْ في ضْلوعْ عبادْ اللهْ؟!».. كما أن الوكيل العام للملك لم يظهر له تنوير الرأي العام إلا في ملف رشيد نيني!.. إن بلاغه غير مقبول ومرفوض، لأنه يؤثر على القضاء...

سيدي الرئيس، إن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لا يحق لها أن تحقق مع رشيد نيني، فقانون المسطرة الجنائية هو الذي يحدد الاختصاص للضابطة القضائية ولا يوجد أي تأهيل للفرقة الوطنية، فلماذا الإصرار على خرق القانون؟

كما أن الفرقة الوطنية ليس من حقها إجراء البحث التمهيدي مع رشيد نيني، لأنه ليس هناك حياد، ما دام نيني سبق له أن انتقدها في أعمدته، فكيف لنا أن نأخذه عند الحاقدين عليه، وهم من يقومون بالبحث معه؟...

ولا بد أن أتقدم بملتمس إضافي، هو أن رشيد نيني محروم من قلم وأوراق للكتابة، وهو صحافي، إنه في الحقيقة محكوم عليه بـ«الإعدام».. بأي حق لم تمنحوه وسائل الكتابة؟ لقد علمت بالأمر خلال الأسبوع الأول، لكنْ كان لدي أمل في أن يتمتع بالسراح المؤقت واعتبرتُ أن «معركة» الحصول على قلم وأوراق الكتابة  ليست ضرورية، ولكنْ بعد أن أمضى 34 يوما في السجن، يجب أن تمنحوه أدوات الكتابة، وأتمنى أن يقوم ممثل النيابة العامة بذلك، وعلى المحكمة أن تصدر أمرا بتمكينه من ذلك.

إن اعتقال رشيد نيني هو اعتقال تحكُّمي، فما الذي جعل وكيل الملك يتخذ قرار إيداعه السجن؟ لا يوجد أي دليل على حالة العود، فالأصل أن يتضمن الملف وثائق تثبت حالة العود، وتكون فيها أحكام نهائية، لذلك فإن «أسباب الاعتقال» وهمية ولا توجد إلا في مخيّلة ممثل الحق العام!...
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق