الاثنين، 2 مايو 2011

انتقام

المساء
 إن قرار حبس مدير نشر جريدة «المساء» رشيد نيني قرار في غاية الخطورة ولم تعد دوافعه وخلفياته مشفرة بل توضحت معالمها  بشكل جيد.  وبغض النظر عن كون قرار حبس رشيد نيني
جائرا وتعسفيا وانتقاميا، فإنه بمثابة «رسالة سياسية» موجهة من طرف قوى نافذة وتيار أمني محافظ يرفض، بأي حال من الأحوال، رؤية مغرب متحرك وديمقراطي وعصري، حيث السيادة للقانون ولا شيء غير القانون، كما هو عليه الحال في جميع الدول الديمقراطية. ويبدو أن هذه الأوساط المحافظة ضغطت بقوة في هذه القضية للدفع في اتجاه «إخراس» أحد أهم الأصوات الحرة والأكثر جرأة في المشهد الإعلامي الوطني، ذلك أن اتخاذ قرار بحبس صحافي مثل رشيد نيني يعتبر خرقا سافرا  للمسار الإصلاحي الذي أعلن المغرب انخراطه فيه بإرادة من طرف أعلى سلطة في البلاد، لأنه من غير المقبول والمفهوم أن يشهد مغرب القرن الـ21 اعتقال صحافي يؤمن بقضيته ويدافع عن قيم الحرية والعدالة وتتم متابعته في إطار القانون الجنائي في الوقت الذي يحتم القانون متابعته بموجب قانون الصحافة، الذي ينظم هذا القطاع في بلادنا.
يقينا، أن متابعة رشيد نيني في حالة اعتقال بفصول من القانون الجنائي ليست إلا ضعفا وجبنا و نرفزة من طرف أولئك الذين كانوا وراء هذا الاعتداء، بهدف «خلط الأوراق» في مسار المغرب. ما من شك في أن المنطق يقضي أن تُقابَل الأفكار بأخرى وليس بقرارات تعسفية. ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن تقوم السلطة بقمع الرأي الحر، لأن هذا الأخير هو نتاج قناعات راسخة سيواصل  صاحبها الدفاع عنها باستماتة، مهما كلفه الثمن، وبالتالي، تعتبر مثل هذه «القرارات» الجائرة مجرد مضيعة للوقت والجهد وتعود بالمغرب إلى سنوات «العهد البائد»، الذي ودعناه مع مجيء العهد الجديد.
كان بإمكان السلطات أن تقوم بفتح تحقيق حول التهم الموجهة لرشيد نيني، طبقا لما يقتضيه قانون الصحافة، دون وضعه تحت الحراسة النظرية في حالة اعتقال، مثل أي «مجرم». فرشيد نيني صحافي وشخصية عمومية ويتمتع بشهرة واسعة ويملك كل الضمانات  القانونية اللازمة للاستماع إليه ومتابعته في حالة سراح. ومن الواضح أن أولئك الذين تجاوزوا هذه المعطيات واتخذوا قرار حبسه كانوا يسعون، في المقام الأول، إلى المساس بكرامته، إلا أن  السحر  سينقلب على الساحر، باعتبار أن هذه الممارسات، التي اعتقدنا أنها قد ولّت إلى غير رجعة، من شأنها  أن  تُضِرّ بصورة المغرب وليس بصورة رشيد نيني... إن الظروف الراهنة، الوطنية والدولية، تتطلب منا، جميعا، اليقظة والتماسك للدفاع عن المشروع المجتمعي الذي يسعى المغرب إلى تطبيقه، وذلك بوضع مصالح المغرب العليا فوق كل الاعتبارات.
 وبغض النظر عما ستؤول إليه متابعة رشيد نيني، يبقى مبدأ حبسه «فضيحة» حقيقية بامتياز، لأنه ولو تمت تبرئته ـمع وجوب تبرئته حالا بدون شرط أو قيدـ فإن وضعه بالسجن بدون سند قانوني  يفيد أن القوى المتشددة لازالت تتحكم في دواليب مركز القرار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق