الجمعة، 30 سبتمبر 2011

تفاصيل ما جرى في رابع جلسة من محاكمة رشيد نيني

دفاع نيني يؤكد أنه معتقل في مؤسسة غير قانونية وأن متابعته بالقانون الجنائي هدفها الزج به في السجن
عرفت الجلسة الرابعة من محاكمة رشيد نيني، يوم الثلاثاء الماضي بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، رد ممثل النيابة العامة على الدفوعات الشكلية التي تقدم بها الدفاع، والمتمثلة أساسا في:
بطلان المتابعة وبطلان محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ورفع حالة الاعتقال. وقد تم تأجيل هذه الجلسة بطلب من رئيس الهيئة، فحدد لها تاريخ 11 أكتوبر المقبل من أجل استكمال المناقشة، وفي ما يلي مقتطفات مما جرى داخل الجلسة:
منسق هيئة الدفاع، خالد السفياني: أراد المشرع خلال سنة 2008 أن يخلق مندوبية سامية للسجون وألا تظل تابعة لوزارة العدل، فأصبحت تابعة للوزارة الأولى. وعندما صدر أمر باعتقال رشيد نيني، فإن هذا خلق وضعا خطيرا وغريبا لا يمكن قبوله، إذ إن نيني معتقل في مكان غير قانوني استنادا للفصل 608 من قانون المسطرة الجنائية الذي يقول إنه لا يمكن الاعتقال إلا في مؤسسات سجنية تابعة لوزارة العدل، والحال أن نيني معتقل في مؤسسة غير تابعة لهذه الوزارة، ولا يوجد أي سجن تابع لها، وهو ما يقتضي ألا يعود إلى السجن الذي يوجد به لأن في ذلك اعتداء على المشروعية وعلى الفصل 608 من قانون المسطرة الجنائية، ويمكن القول إنه يجب أن يتم اعتقاله في إحدى البنايات التابعة لوزارة العدل لأن القانون يتحدث عن ذلك.
 ممثل النيابة العامة: إن طرح رفع حالة الاعتقال من ورائه غاية، وإن هذا الطلب يأتي خارج إطار المحكمة، وإن الفصل 608 من قانون المسطرة الجنائية جاء في ظروف كانت فيها سجون إدارية تابعة لوزارة الداخلية وسجون مدنية تابعة لوزارة العدل. إن رشيد نيني بريء بمقتضى القانون، وهو الآن معتقل احتياطيا حتى تثبت إدانته بحكم قطعي، ومادام كذلك فإنه يوجد في سجن محلي، وهو سجن تابع للدولة.
وبعدها، أكد ممثل النيابة العامة رفضه للدفوعات الشكلية التي تقدم بها الدفاع، وتهم أساسا: بطلان المتابعة؛ وبطلان المحاضر نظرا إلى إنجازها من قبل هيئة غير موكول إليها ذلك، وهي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية؛ ورفع حالة الاعتقال.
 خالد السفياني: لم يعجبني ما قاله ممثل الحق العام من أن طرح الدفاع من ورائه غاية، عليه توضيح هذه الغاية الخفية، هل نريد أن نصل إلى نتيجة غير واضحة من هذا الملتمس؟ لا تقولوا الكلمات المبهمة التي تتضمن روائح كريهة، قولوا الكلام بوضوح، قولوا إنها غاية غير مشروعة ولا حق لكم فيها، نريد معرفة الغاية، وهذا يسجل عليكم أمام الرأي العام الوطني والدولي وأمام الدفاع وأمام هيئة المحكمة، يجب أن تسحبوا هذا الكلام، إن الدفاع ورشيد نيني أسمى من أن توجهوا إليهم كلاما غير واضح ولا معنى له.

هل تؤثرون على هيئة الحكم وتقولون لها إياك أن تستجيبي لهذا الملتمس لأن من ورائه غاية كريهة؟ أما قولكم إن الدفع الذي تقدمنا به يهم غرضا إداريا لا علاقة له بالمحكمة، تحت مسؤولية من يدخل الاعتقال غير الشرعي؟ إنه معتقل تحت ذمتكم. إن ممثل النيابة العامة بدأ يتحدث عن التاريخ والجغرافيا وعن نشأة السجون، فعلى مدى 39 سنة من ممارسة مهنة المحاماة لم أعرف أن الداخلية تعتقل في إطار القانون وأن لديها سجونا إدارية. إن غايتنا من هذا الدفع هي رفع الحيف وتطبيق القانون وألا يعود رشيد نيني إلى مؤسسة سجنية غير تابعة لوزارة العدل.
 المحامي محمد أغناج: تقدمنا بطلب وليس بدفع، والمحكمة ملزمة بالإجابة عنه.. طلبنا هو رفع حالة الاعتقال الاحتياطي بناء على مجموعة من المعطيات، من بينها أن نيني معتقل في مؤسسة غير قانونية، وأن المحكمة هي المسؤولة عن هذا الاعتقال وأنها ملزمة، طبقا للقانون، بالبت في الطلب.
ولا بد أن نشير إلى عدم قانونية البت في الطلبات خلال المرحلة الابتدائية، لأن ضم البت في الدفوعات الشكلية إلى الجوهر يجب أن يكون بقرار معلل، وهذا غير مبين في المسطرة، لأن المحكمة الابتدائية عندما أرجأت البت فيها، وعندما بدأ الجوهر انسحبنا كهيئة دفاع من المحاكمة، فطريقة الضم لم تكن مسطرة عادية.
أما بخصوص بطلان المتابعة، فإن هذه المتابعة غير مشروعة لأن تكييفها باطل وبني على مجموعة من المقالات المنشورة، وكان يمكن اللجوء إلى قانون الصحافة لأن القانون الخاص مقدم على العام، غير أن هدف النيابة العامة هو متابعة نيني في حالة اعتقال، لذلك لجأت إلى المتابعة بالقانون الجنائي. أما بشأن عدم الإشعار، فالقانون يشدد على الإشعار بالأفعال وليس بالتهمة، وهذا لم يحدث. أما خرق سرية البحث التمهيدي، فإنه يتعذر علينا الإدلاء ببلاغ الوكيل العام للملك لأننا لم نتوصل به؛ وممثل النيابة العامة يقر بوجود هذا البلاغ ويقول إنه لا يشكل خرقا لسرية البحث التمهيدي. هذا البلاغ ذكر فيه اسم المعني بالأمر ونسب إليه فيه أفعالا، وقال إن هناك متابعة، فهذا يعتبر خرقا واضحا للسرية. وعليه، فإننا نتشبث ببطلان المتابعة لأن التكييف غير صحيح وسيجرنا إلى طريق غير صحيح.
 المحامي عبد السلام العلمي: أشعر بالغثيان من هذه المحاكمة، لأنني شاركت في محاكمات سياسية أيام الجمر والرصاص وأشعر الآن وكأن الوضع لم يتغير، شاركت في محاكمة عبد الكريم غلاب ونوبير الأموي، وحاليا في محاكمة صحافي بالقانون الجنائي، إن الوضع شبيه بلعبة الشطرنج.
إن محاكمة رشيد نيني هي محاكمة سياسية بامتياز، وهي محاكمة غير قانونية، وهي متابعة للإعلام بشكل عام، فهل هناك نص يعاقب الصحافي الذي رفض الكشف عن مصادره؟
إن اعتقال نيني هو اعتقال تعسفي، فلم تعد البراءة هي الأصل ولم يعر أي اهتمام لقانون الصحافة، هل نحن في فوضى في هذه الظرفية الحالية، إن هذه المحاكمة مسرحية يغيب فيها المشتكون والمتضررون.
إن هذه المحاكمة هي خطأ جسيم وخطأ متعمد من أجل حماية مصالح معينة، ولا أريد أن أكون بيدقا في هذه اللعبة التي سأنسحب منها، فهذا تعسف وظلم.
  المحامي مصطفى الصغيري: إن خرق السرية أو أي مادة من القانون يترتب عنه بطلان المتابعة. إن النيابة العامة لا تملك القيود المطلقة ولا الحرية في تحريك الدعوى العمومية... إن المشرع أراد أن يحمي الصحفي فجعل له قانونا خاصا به. إن المشرع أعطى المتضررين الحق في اللجوء إلى القضاء، بالنسبة إلى قانون الصحافة.
في هذه النازلة، اختير التحامل والتحايل على قانون الصحافة، وتم الاتجاه إلى القانون الجنائي من أجل الزج برشيد نيني في السجن.
إن شرف الخصومة التي تحدث عنها ممثل النيابة العامة يكمن في ألا نحابي أحدا، وأن نأخذ بالنصوص القانونية.
 المحامي رشيد نعنعي: إن هناك خرقا لمقتضيات المادة 47 من قانون المسطرة الجنائية والتي تهم ملتمس رفع حالة الاعتقال. إن ممثل الحق العام قال إن قرار النيابة العامة كان منسجما مع مقتضيات المادة 47 وأن لها سلطة أن تضع الماثل أمامكم رهن الاعتقال. إن قرار الإيداع هو قول غير مفصل ولا يسنده أي أساس من القانون والواقع، وعللت النيابة العامة قرار الإيداع بثبوت الأفعال أو خطورتها وحالة العود. وبالرجوع إلى المادة 47، أتحدى ممثل النيابة العامة أن يجد فيها خطورة الأفعال أو أن يخرج لنا منها ما يثبت أن القانون يتحدث عن الاعتقال وليس عن العقوبة.
إن حالة العود يقدرها المشرع أثناء تشديد العقوبة، وإن خطورة الأفعال يشار إليها عندما يتم ترتيب القصد الجنائي. إنه نظرا إلى الدواعي القانونية، لا صلاحية للنيابة العامة في الاعتقال، وإن هذا شطط في استعمال السلطة، وإن الاعتقال تحكمي. يجب أن تعاد الأمور إلى نصابها في الظرفية الحالية، إن جميع آراء قضاء الحكم تصادر عندما تعلل النيابة العامة الاعتقال بثبوت الأفعال، إن العلل خارج إطار الشرعية.
وبعد هذه المرافعات، طلب القاضي تأجيل الجلسة، فحدد تاريخ 11 أكتوبر لمواصلة النقاش، ورفعت الجلسة ليغادر نيني القاعة وهو يحيي كل من جاء لمتابعة أطوار محاكمته عبر إشارة النصر، ليعود إلى زنزانته في سجن عكاشة، زنزانة لا تتوفر فيها شروط الكرامة الإنسانية، إذ يعيش نيني تحت وطأة الضجيج اليومي بفعل الأشغال، إلى جانب «القطرة» التي تنزل من المصباح الكهربائي مباشرة فوق سريره. 



قضية رشيد نيني نموذج لتطويق أي تغيير  فعلي
فيوليت داغر - رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان
 ما هدفكم من حضور محاكمة رشيد نيني؟

< قدمنا إلى المغرب من أجل مراقبة ما يجري بخصوص موضوع حرية التعبير، فنحن كحقوقيين نناضل ضد الأوضاع القائمة في البلدان العربية، وضد أن يؤخذ الصحافي رشيد نيني بقانون يخرج عن القوانين التي وضعها المسؤولون بأنفسهم، إنهم يضغطون من أجل ألا يكون هناك رأي آخر لا يتحملونه، يبدو أن السلطات تقاتل من أجل ألا تترك مجالا للرأي الآخر  حماية لمصالح البعض؛ ونظرا إلى أن مقالات الرأي تحرمها من الثروة والسلطة فإنها تسعى إلى إسكات ذلك الرأي الآخر. ونحن سنتكلم بعد أن نراقب المحاكمة ومجرياتها؛ وعلينا أن نسلط الأضواء، عبر المراقبة الحقوقية وتشكيل نوع من المتابعة، على ما يجري بالمغرب. وأنا كناشطة حقوقية، أرى أنه ليس من مصلحة المغرب الاستمرار في هذا الوضع، بل عليه السعي إلى تكريس وضع آخر يستمد من التشريعات الوطنية ومن المواثيق الدولية التي تساعد على خلق وضع أفضل عوض القفز على القوانين نظرا إلى وجود سلطة تعتبر نفسها فوق القانون.
 - شهد المغرب عددا من الإصلاحات، وبالمقابل يوجد صحافي رهن الاعتقال؛ كيف تنظرون إلى ذلك؟
< ما جرى ليس إصلاحا حقيقيا، فلو كان الأمر كذلك لطبقوا ما وضعوه من تشريعات لصالح شعوبهم؛ فهناك تناقض، حيث نجد تحسينات في مجال وتراجعات في مجال آخر، نجد من جهة  تجاوزات ونجد من جهة أخرى السلطات تدير ظهرها لما يجري على أرض الواقع، لأن المتنفذين عندما يجدون أن مصالحهم تضررت فإنهم يقفزون على التشريعات من أجل إهانة القانون، وإن هؤلاء يستقوون بدعم الدول التي تسمى ديمقراطية من أجل الاستمرار في إضعاف قدرة المجتمع على أن يبني ديمقراطية فعلية. إن قضية رشيد نيني هي نموذج لتطويق أي تغيير فعلي قادم عبر استهداف حرية الرأي والتعبير، خاصة عندما يكون هذا الرأي من رموز شجاعة وصلبة قادرة على أن تقف بقوة لتقول الحقيقة كما هي، ولا تبيع وتشتري مع السلطات.. لا تبيع نفسها للشيطان.
إن السلطات لا تريد أن يكون هناك من يقول «كلمة حق»، ولذلك تلجأ إلى قطع الرؤوس بشكل من الأشكال، لإخافة الباقين من أخذ المبادرة أو الإمساك بزمام الأمور. هناك رواد يقدمون التضحيات في كل مجتمع، ويدفعون ثمن الوقوف في وجه الظلم والفساد غاليا جدا، لكنهم يهيئون الطريق للعبور إلى مرحلة متقدمة.
- كيف تنظرون إلى هذه المحاكمة؟
< لكل بلد ظروفه الخاصة، ولا تكون الأوضاع بالضرورة متشابهة، لكن هناك قاسم مشترك هو عدم القبول بالظلم والفساد، ونريد أن يقدم المغرب المثل في الإصلاحات والديمقراطية وألا يكون كالآخرين الذين يفكرون في مصالحهم الضيقة على حساب الشعوب، وينبغي أن يكون جادا من حيث احترام حقوق الإنسان والحريات على أرض الواقع، لا أن يشهد هذه المحاكمة الهزلية والصورية التي لا تحترم فيها القوانين التي يضعها، ونحن نتمنى أن يكون هذا البلد مثالا يحتذى به في اتباع آليات الانتقال الديمقراطي السلمي الحقيقي.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق