الأحد، 13 نوفمبر 2011

متابعة الصحافيين.. والمناخ الحالي

يحتار المواطن البسيط، مثل العبد لربه، وهو يتابع ملفات الصحافة أمام القضاء، ويحتار وهو يرى زميلين من «المساء»، منهما المدير الجديد، يقاد إلى التحقيق والأسئلة حول المقالات
التي تكتب أو الأخبار التي يكتبها الصحافي أو الصحافية.
والحيرة مرجعها إلى كوننا اليوم ننتظر أن يطلق سراح المدير المسجون قبل أن نفكر في اعتقال المدير الطليق!
 كما تعود الحيرة إلى السياق الذي تأتي فيه هذه المتابعات التي لا نرى فيها سوء نية بتاتا، ولا نرى فيها «تعقبا» يليه عقاب، بقدر ما نرى فيها خطأ في تقدير المناخ الحالي.
 وبكل صراحة، فإننا ننتظر أن يساق مفسدو الانتخابات، وبعضهم في المدن الكبرى والمتوسطة، وبعضهم تعرف الساكنة حركاته وسكناته من طرف أبسط المواطنين، يساقون إلى المحاكم والمخافر والتجرجير، لا أن توضع الصحافة في فوهة الاتهام.
 إن الزملاء أعزاء، والحقيقة أعز منهم، كما كان فيلسوف يوناني يقول عن أستاذه ورفيقه في الفلسفة، لكن الحقيقة الساطعة اليوم هي أن هناك اليوم جيشا من تجار الانتخابات يتجولون، ومن رؤساء الجماعات أحيلت ملفاتهم على القضاء ومازالت سرعتها بطيئة، وأسماء أخرى ينتظر الناس أن تساءل لكي يطمئنوا إلى ما سيحدث غدا خلال اقتراع سيادي عام. الحقيقة أيضا أنني أتساءل: إلى أي حد يهدد الدامون والزميلة بركاوي سلامة البلاد ويضعانها في مهب الريح؟
لا أجد سببا مقنعا، لأن الخبر، حتى إذا تأكد حول تفكيك الشبكة، فهو يحسب على الأمن وفعاليته، وإذا لم يثبت فإن الأمن يمكن أن يعقلن عمل الزملاء بإعطائهم حقيقة ما يكون.
 إن الخبر غير الدقيق يمكنه أن يسبب ضررا من درجات مختلفة، لكن لا نعتقد أن النية في إحداثه حاضرة.
 كما لا نعتقد بأن أفق الانتظار اليوم هو وضع الصحافيين في موضع صعب وغير ملائم للتأكد من الخبر أو حتى التأكد من عدم صحته.
 ننتظر أن الذين تم استدعاؤهم من طرف النيابة العامة في ملفات كبيرة ورهيبة، كالاحتيال والتحايل والتزوير واستغلال النفوذ.. تتم المناداة عليهم من أجل أن يوضعوا حيث يجب أن يوضعوا.
 إن الصحافة مكانها إلى جانب القضاء، إلى جانب الأمن، في خدمة الدفاع عن سلامة البلاد، وعن أمنها واستقرارها، وعن وضعها العام، وهي إلى جانب الجناح المسلح للدولة (المسلح بالقانون) في محاربة كل أشكال الاحتيال والتبذير والتهديد العملي لسلامة المؤسسات، لاسيما من طرف أناس يبذلون كل ما في وسعهم من أجل أن يدمروا هذه المؤسسات بطرق وأساليب لم تعد تنتج سوى الخراب والتوتر واللااستقرار المفضي إلى العنف.
 هناك أفق منتظر لدى الرأي العام، لا نعتقد بأن الصحافيين هم الهدف والمرمى فيه، هناك أفق انتظار لا بد لبلادنا أن تحرص عليه.
 وهذا ما يجعل بالفعل الصحافة بدورها تشعر بأنها شريك في الاستقرار، وفي العمل من أجل تطهير البلاد من الشوائب، ومن أجل خدمة الاطمئنان العام، لا أن تكون في وضع المتهم الدائم، في الوقت الذي ننتظر، بكل صدق، أن نجتاز كل عناصر التشكيك وعناصر الإحباط التي تكبر في هذه الأيام.


عبد الحميد جماهري--المساء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق